مقدمة :
يعرف التعمير من قبل بعض المهتمين على أنه فن تهيئة المدن أو علم المدينة والتجمعات المخصصة أساس للسكن والعمل والأنشطة الاجتماعية الأخرى ’ويقصد به في نظر البعض مجموعة من الإجراءات التقنية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تساعد على تطوير المجتمعات بشكل عقلاني منسجم وإنساني.
ويستنتج من هده التعاريف أن التعمير يهدف بشكل عام إلى مسألتين اثنين أولهما تنمية المجتمع وذالك بتنظيم الحياة الجماعية للأفراد المنتمين إليه ’وثانيهما تدبير المجال بغية تخطيط التوسع العمراني.
و على غرار باقي البلدان في العالم’ مغرب فان المغرب عرف تطورات كبيرة كبيرة على مستوى التعمير وتهيئة المجال’ ولمسايرة هدا التطور قام المشرع المغربي بإصدار نصوص جديدة تلائم التطورات والتغيرات التي عرفها المغرب لاسيما زيادة وتيرة النمو الحضري وتزايد الإقبال على اقتناء الأراضي والحاجة إلى السكن وهكذا أصدرت القوانين التالية :
- القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير الصادر في 17 يونيو1992.
-القانون رقم 90.25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات الصدر بتاريخ 10 شتنبر 1993.
-الظهير المحدث لوكالات الحضرية الصادر في 10 شتنبر 1993.
-القانون رقم 016.89 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية الصادر في 10 شتنبر 1993.
ومن بين الغايات الرئيسية التي يروم إليها قانون التعمير وضع إطار قانوني ينظم المجال بشكل يستجيب لحاجيات الجماعة والمتعددة بتعدد انشغالات أفرادها وبتنوع أنشطتهما لاقتصادية والتجارية والاجتماعية والثقافية وغيرها.وقد أعتمد المشرع المغربي على غرار باقي القوانين المقارنة على التخطيط الحضري كأداة لتنظيم المجال وترشيده وحسن استعماله’ والتخطيط الحضري كما يعرفه البعض هو تدخل الإدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لتنظيم استعمال المجال وتقنين أو تحديد هدا الاستعمال لكل منطقة من مناطق المدينة.
والتخطيط الحضري كما يظهر من التعريف المشار إليه أعلاه يتكون ويرتكز على وثائق وقواعد تنظيم المجال’ وهي في القانون المغربي وهي في القانون المغربي مخطط توجيه التهيئة العمرانية وتصميم التهيئة.
ونظرا للأهمية التي يكتسيها تصميم التنطيق سنتناوله بالدراسة من خلال عرضنا هذا
-فما المقصود بتصميم التنطيق ؟
-وما الهدف من وضع هذا التصميم ؟ وما هو نطاق تطبيقه ؟
وما هي المسطرة التي يتم إتباعها في وضع تصميم التنطيق؟-وما هي الاتار المترتبة على هدا التصميم؟
وللإجابة على هده التساؤلات سنعتمد في دراستنا لهدا الموضوع منهجية ثنائية وذالك من خلال مطلبين كما يلي :
المطلب الأول : المقصود بتصميم التنطيق والهدف من وضعه ونطاقه
الفقرة الأولى :تصميم التنطيق والهدف منه
الفقرة الثانية : نطاق تطبيق تصميم التنطيق
المطلب الثاني : مسطرة وضع تصميم التنطيق والأتار المترتبة عليه
الفقرة الأولى : مسطرة وضع تصميم التنطيق
الفقرة الثانية : الأتار المترتبة عليه
المطلب الأول : المقصود بتصميم التنطيق والهدف من وضعه ونطاقه
يعد تصميم التنطيق من الوثائق الهامة للتعمير حيت يعتبر نقطة وصل بين مخطط توجيه التهيئة العمرانية وتصميم التهيئة’ وتتجلى أهمية تصميم التنطيق في سد الثغرات والنواقص التي قد تتسرب إلى مخطط توجيه التهيئة العمرانية.
الفقرة الأولى : تصميم التنطيق والهدف منه
خصص المشرع المواد من 13الى 17 من قانون التعمير لسنة 1992 والمواد من12 إلى 17 من المرسوم التطبيقي له.لتصميم التنطيق الذي يعد من الوثائق الهامة للتعمير’ ويوضع مباشرة بعد المصادقة على وضع مخطط توجيه التهيئة العمرانية’ وهو في الواقع يقوم بمهمة ملء الفراغ التعميري لاسيما بالمناطق التي لا تتوفر على تصميم التهيئة الذي يتطلب وقتا طويلا للاعداده وانجاز.
ويهدف تصميم التنطيق كما تنص على ذالك المادة 13 من قانون التعمير إلى تمكين الإدارة والجماعات المحلية من اتخاذ التدابير التحفظية اللازمة لإعداد تصميم التهيئة والحفاظ على توجيهات مخطط توجيه التهيئة العمرانية.
فتصميم التنطيق ومن خلال تسميته عبارة عن تصميم يحدد المناطق ويبين الأغراض التي ستخصص لها وتستعمل فيها’ كما لو تعلق الأمر بمنطقة ستخصص للأغراض تجارية أو صناعية أو للسكن أو غير ذلك... وهذا طبعا على خلاف تصميم التهيئة الذي يقصد من ورائه النهوض بالتنمية العمرانية لمنطقة من المناطق. وان شئنا القول فتصميم التنطيق ذو طابع عام.
وقد بينت المادة 13 في فقرتها الثانية وبشكل عام لأهداف التي يرمي إليها تصميم التنطيق والتي تعد في ذات الوقت محلا له وهي بالأساس :
تحديد تخصيص مختلف المناطق للأغراض التي يجب إن تستعمل له بصورة أساسية منطقة سكنية ’منطقة صناعية’ منطقة تجارية’ منطقة سياحية’ منطقة زراعية’ منطقة غابوية على سبيل المثال.
-تحديد المناطق التي يحظر فيها البناء بجميع أنواعه.
-تعيين المواقع المخصصة لإقامة التجهيزات الأساسية والاجتماعية كالطرق الرئيسية والمستوصفان والمدارس والمساحات الخضراء.
-تحديد المناطق التي يجوز لرئيس المجلس الجماعي إن يؤجل البت في الطلبات التي ترمي الى الحصول على ادن للقيام داخلها بتجزئة أو احدات مجموعة سكنية أو استصدار ترخيص للبناء فيها.
ولئن كان المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية’يرمي إلى التنظيم العام للتنمية العمرانية للرقعة الخاص بها لمدة 25 سنة على الأكثر’ فان سريان مفعول تصميم التنطيق يدوم سنتين على الأكثر من تاريخ نشر النص الموافق بموجبه عليه.
و يشتمل تصميم التنطيق على وثيقة تتكون من رسوم بيانية و نظام يحدد القواعد التي يتعين إتباعها استعمال الناطق’ وهذا يختلف عن مشتملات المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية التي تتميز بالتنوع والتعدد والكثرة.
ويبقى نطاق تصميم التنطيق مرتبطا بالوسط الحضري وبالحدود المرسومة للتهيئة مستقبلا’ ليقوم بوظيفة تحديد المناطق المعدة لاستعمالات مختلفة’كالمناطق السكنية والمناطق الصناعية والمناطق الإدارية’إذ انه قبل المصادقة على تصميم التنطيق يتخذ رئيس المجلس الجماعي بعد مداولة المجلس قرارا يقضي بدراسة تصميم التنطيق وبالتبعية تصميم التهيئة تأجيل البت في طلبات رخص التعمير’ هو تمكين الإدارة من مواجهة المضاربين العقاريين الدين يعلمون بنوايا الإدارة قبل أن تصبح نافدة المفعول فيقومون ببناء منشئات أو تجزئات عقارية في الأراضي التي تحتاجها الإدارة لإقامة التجهيزات الأساسية والمرافق العمومية.
الفقرة الثانية : نطاق تطبيق تصميم التنطيق
يعتبر تصميم التنطيق تصميما وقتيا حيث لا تتجاوز مدته سنتين بعد إصدار المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية’ فهو يحدد وظيفة كل منطقة داخل الجماعة الواحدة أو داخل رقعة ترابية’ وتكمن مهمته في العمل على اتخاد التدابير التحفظية اللازمة للإعداد تصميم التهيئة والحفاظ على توجيهات مخطط التهيئة العمرانية.
كما يعتبر تصميم التنطيق وثيقة من وثائق التعمير التنظيمي التي يلجأ إليها المشرع من أجل تخطيط توجهات التعمير المرسومة في المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية’ وقد نظم قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير تصميم التنطيق من المادة 13 إلى المادة 17. مع الإشارة إلى أن تصميم التنطيق هو تصميم مؤقت ومرحلي يتم بواسطته ملئ الفراغ بين التصميم المديري للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وبين تصميم التهيئة.
وإذا كان تصميم التنطيق تصميم توجيهي من أجل توظيف مناطق داخل مجال الوسط الحضري ويقع اللجوء إلى تصميم التنطيق في المراكز الحضارية التي لا تتوفر على تصميم مديري ولا على تصميم التهيئة أو التي لا تتوفر على هده التصاميم لكن مدة صلاحيتها انتهت وهده هي وضعية كتير من المدن والمراكز الحضرية ببلادنا ويمتد نطاق تطبيق تصميم التنطيق ليشمل الجماعات الحضرية والمراكز المحددة’ والمراكز المستقلة’والمناطق المجاورة للمدن.
فالمقصود بالجماعات الحضرية حسب المادة الأولى من قانون التعمير البلديات والمراكز المتمتعة بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي’ أما المراكز المحددة فهي عبارة ودائما حسب نفس المادة أجزاء من جماعات قروية تعين حدودها السلطة التنظيمية ’ على أن المراد بالمناطق المجاورة للمدن الأراضي القروية المجاورة لتلك المدن’ فتمتد المناطق المحيطة بالمدن الى مسافة خمس عشر كيلو مترا تحسب من الدائرة البلدية.
المطلب الثاني : مسطرة وضع تصميم التنطيق والأتار المترتبة عليه.
خصص المشرع المغربي في قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير لتصميم التنطيق المواد من 13الى 17 والمواد من 12الى 17 من المرسوم التطبيقي له’ موضحا مختلف المراحل التي يمر منها إعداد وتصميم التنطيق.
الفقرة الأولى : مسطرة وضع تصميم التنطيق
يمكن القول أن هناك تداخلا بين مسطرة إعداد مشروع تصميم التنطيق ومسطرة إعداد تصميم التهيئة’ذالك أن الأول لا يعدو أن يكون ممهدا وميسرا لإعداد الثاني.
حددت المادة 5 من قانون التعمير الجهات التي تتدخل في وضع تصميم التنطيق وهي بشكل رئيسي الإدارة’ لكن يمكن للجماعات المحلية في هده العملية’ وذالك من خلال دراستها للمشروع بعد إحالته عليها من طرف الإدارة عند الاقتضاء’ وتقديم مقترحاتها داخل اجل شهرين من تاريخ الإحالة وهذا ما يستنتج من مضمون المادتين 15 و16 من قانون التعمير.
وقد عملت المواد من 12الى 16 من المرسوم التطبيقي لقانون التعمير على توضيح المسطرة المتبعة في وضع تصميم التنطيق’ التي تعد حقيقة شبيهة إلى حد بعيد بتلك التي يتم سلوكها بالنسبة لمخطط توجيه التهيئة العمرانية.
فإعداد مشروع التنطيق يتم من قبل الوزارة المكلفة بالتعمير بمساهمة من قبل الجماعات المعنية والمجموعات الحضرية آدا كانت موجودة’ وتقوم الوزارة المعنية أو الوكالة الحضرية عند وجودها بعرض مشروع تصميم التنطيق على لجنة محلية مكونة ممن وردوا في المادة 5 من المرسوم المذكور.
وتوجه اللجنة المحلية بيانا موجزا بما قامت به من أعمال وذالك داخل أجل 15 يوما على الأكثر من الانتهاء من أشغالها’ أما إلى الوزارة المكلفة أو الى مدير الوكالة الحضرية يتخذ القرار الملائم بخصوص ذالك المشروع.
وبعد استنفاد كل هده الإجراءات’ وقطع كل هده المراحل تتم الموافقة على تصميم التنطيق من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير وينشر بالجريدة الرسمية ويرتب أثاره في مواجهة كل الفعالين الاقتصاديين الدين يشتغلون في مجال التعمير والسكنى إذ يتعين على هؤلاء التزام الالتزام بمقتضيات تصميم التنطيق واحترام الاستعمالات والتخصيصات التي وضعت لها المناطق.فلا يمكن القيام بمشاريع سكنية في مناطق اعتبرها تصميم التنطيق ذات طابع صناعي أو العكس.
وتلعب الإدارة والسلطات المحلية دورا رئيسيا في احترام تصاميم التنطيق إذ لا تسمح بإنشاء مصانع في مناطق سكنية’ كما لا ترخص في بناء متاجر في مناطق ذات طابع سكني أو ذات طابع مرفقي ومؤسساتي.
يعرض مشروع تصميم التنطيق في صيغته الجديدة كما هيأته إدارة التعمير أو الوكالة الحضرية على أنظار المجالس الجماعية المعنية و إلى مجلس المجموعة الحضرية إن اقتضى الأمر ذلك لدراسته وفق ما ينص عليه الفصل 30 من الميثاق الجماعي لسنة 1976 وذالك داخل أجل مدته شهران من يوم إحالته عليها
ويجب على الرؤساء تلك المجالس أن يوجهوا مقترحات جماعتهم إلى الإدارة بالتعمير أو إلى الوكالة الحضرية لدراستها بمشاركة المجالس الجماعية. غير أنه في حالة انصرام الأجل المذكور دون أن تبدي تلك المجالس عن رأيها في شكل اقتراحات أو ملاحظات فيعتبر ذالك بمثابة موافقة ضمنية على مشروع التصميم.
الفقرة الثانية : الأثار المترتبة عن تصميم التنطيق
و كما هو ملاحظ فبعد نشر النص المصادق به على تصميم التنطيق في الجريدة الرسمية يصبح التصميم ساري المفعول على المجال الترابي الذي يغطيه’ومدة سريان مقتضاياته سنتان من تاريخ النشر’ويصبح استعمال الأرض والعقارات ابتدءا من هدا التاريخ خاضعا لما ينص عليه تصميم فلا يجوز القيام بانجاز البنايات إلا في المناطق التي يسمح فيها بالبناء وكما لا يجوز إقامة التجزئات إلا في المناطق المفتوحة للعمران والتي يجب على أصحابها تزويدها بالتجهيزات التي ينص عليها القانون رقم 25.90
المتعلق بالتجزئات العقارية.
وبالتالي فالعمارات تشيد في المناطق المسموح لها بها كما أن المباني تبنى في الأحياء المخصصة لها نفس الشيء بالنسبة للمؤسسات المصنفة فتخصص لها منطقة تدعى المنطقة الصناعية كما تخصص منطقة للأنشطة الأخرى.
والإدارات العمومية هي بدورها ملزمة باحترام التخصيص الذي قام به التصميم في ما يخص المنشئات وتطلب رخصة البناء أو رخصة التجزئة لا فرق في ذلك بينها وبين الأفراد العاديين’ ومطابقة المشاريع المقترحة التي ستقام عليها حيت يجب أن تمنح رخص البناء السكنى داخل المنطقة المخصصة للسكن وكذلك الشأن بالنسبة للمناطق الصناعية والتجارية...
وتجدر الإشارة إلى أن كثيرا من تصاميم التنطيق انتهت مدة سريانها القانونية بمرور سنتين بعد المصادقة عليها وبالرغم من ذلك نجد أن السلطات تستمر في تطبيق مقتضياتها إزاء المواطنين والإدارات العمومية. ولعل السبب في ذ لك يعود إلى الفراغ الذي يحصل نتيجة عدم الانتهاء من تصميم التهيئة و بالخصوص عدم المصادقة عليه لأن مشرع ظهير 1952 اعتقد أن مدة إعداد تصميم التنطيق كافية لوضع تصميم التهيئة والمصادقة عليه غير أن التطبيق أضاح عن خطأ هدا الاعتقاد مما أدى إلى نمو السكن العشوائي ليس فقط في خارج المدار الحضري بل داخله كذلك.
وبإمكان القانون الجديد المتعلق بالتعمير أن يصحح هذا الخطأ بملأ الفراغ التنظيمي بفضل المخطط التوجيهي لتهيئة العمرانية الذي يتم إعداده قبل تصميم التنطيق والذي يبقى ساري المفعول بعد انقضاء المدة القانونية لهذا الأخير والى الأمد البعيد’ فحسب المادة العاشرة يمكن رفض الإذن لانجاز كل مشروع تجزئة أو بناء مجموعة سكنية أو مشروع بناء في المناطق العمرانية الجديدة التي يفتحها هذا المخطط إلا إذا كانت لا تتنافى والأحكام المقررة فيه والمتعلقة بالأغراض العامة المخصصة لها الأراضي الواقعة فيها.
خاتمة :
يتبين أن مجال التعمير مجال دقيق ويحتاج إلى عدة دراسات وأبحاث ولاسيما وأنه يرتبط بجوانب حيوية في المجتمع’شأن التنمية العمرانية وتأهيل البلاد عمرانيا.
ونستنتج آدا من خلال دراستنا لهذا الموضوع أن الجماعات المحلية خاصة ورؤساؤها إلى جانب السلطة المحلية واللامركزية المكلفة بالتعميرالتي تلعب دورا رئيسي في مجال التعمير’ إلى جانب وثائق التعمير سواء تلك التي تتعلق بالمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ’ أو تصميم التنطيق أو تصميم التهيئة والتي تساهم بشكل كبير وفعال إن هي احترمت من قبل الكافة في النهوض بالمجال السكاني’ والعمراني والمعماري ببلادنا’ إذ يعد هذا الأخير أداة تقنية للقضاء على أحياء الصفيح والسكن العشوائي أو ما يعرف بالسكن الغير اللائق الذي يشوش على المجال العمراني.
وتحقيقا لهده المرامي نص قانون التعمير والمراسيم التطبيقية له’ والقوانين الأخرى التي تتقاطع معه’ كقانون التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات على قواعد دقيقة ومحددة’ فضلا على أنه نص على عقوبات ذات طابع إداري وزجري (مالية وعينية )في حالة مخالفة هذه الضوابط.
وبالتالي فوثيقة تصميم التنطيق تعد من أهم وثائق التعمير التي سعى المشرع من خلالها إنجاح سياسة تهيئة المجال وتحقيق التنمية المستدامة بمختلف جهات المملكة ’ فعليه أن يحكم إعدادها وتطبيقها بترسانة قانونية جد صارمة ومحكمة تضمن سير وترابط مختلف وثائق التعمير وتأسيس تهيئة عمرانية سليمة وخالية من مظاهر العشوائية التي تعرفها بعض المناطق ببلادنا.
lundi 18 septembre 2017
dimanche 17 septembre 2017
رخصة البناء
تقديم
إن الغاية التي يهدف إليها اي قانون للتعمير ويسعى من خلال قواعده ونصوصه إلى تحقييقها،لا تبتعد عن فكرة تنظيم المجال والتحكم في كافة عمليات البناء،سعيا وراء الحد من البناء العشوائي،أو على الأقل التخفيف من حدة مشاكله تدريجيا ، وهذه الغاية لا تتحقق ، أي التنظيم والتخطيط لا يتم دون توفر مجموعة من الوثائق التي تعرف بوثائق التعمير كما تم التطرق إليها في العروض السابقة،التي تساهم في تحقيق هذه الغاية عبر تحديد استعمال كل منطقة على حدة وتخصيص وظائفه
غير أن هذه الوثائق ليست وحدها المنوط بها المساهمة في التنظيم المجالي،فبالإضافة إليها هناك آلية أخرى لا تقل عنها أهمية، ألا وهي رخصة البناء. فقد سن المشرع المغربي مجموعة من القواعد التي حاولت حظر إقامة أي بناء أو إدخال أي تغيير بشأنه دون رخصة يتم الحصول عليها من الجهة المختصة مسبقا. البناء عموما لم يتم تنظيمه في إطار قانون خاص، بل هنك مجموعة من النصوص المتفرقة التي تنظم هذاالمجال. نجد من بينها قانون التعمير 12.90.الذي نظمها في الفصول من 40إلى49. وتجدر الإشارة في هذا الإطار أن المشرع لم ينص في أي مقتضى من مقتضيات قانون التعمير-على الخصوص- على تعريف لرخصة البناء وهكذا تعددت التعاريف الفقهية التي أعطيت لها ، وبهذا يمكن تعريفها بأنها ذلك الإذن الإداري المسبق اللازم لمن يريد الشروع في البناء ، والذي يمكن تسليمه بعد التأكد من قبل السلطات المختصة من مطابقة المشروع
لقواعد استعمال الأرض المطبقة في المنطقة المعنية بالبناء.
وتكمن أهمية رخصة البناء في كونها إحدى الوسائل المتخدة للحد او تقييد حق الملكية
العقارية ،بالنظر لما يقتضيه أمر منحها من مراقبة مسبقة من الجهاز المختص بإعطائها والتأكد من مدى ملائمة موضوع الرخصة للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل .
ومن خلال الإطلاع على النصوص التي تناولت رخصة البناء يتبين أنها حددت مجال تطبيق هذه الرخصة وشروط الحصول عليها ،وكذا السلطة المكلفة بمنحها . وما دام أن رخصة البناء تعتبر كما أشارنا آلية تساهم في التنظيم المجالي ،فإنها تخضع لمسطرة دراسة خاصة قبل منحها أو رفضها في حالة وجود مبرر. كما أن الواقع العملي لمقتضيات رخصة البناء يشهد منازاعات عدة في هذا الصدد ،الأمر الذي يطرح إشكالية القضاء المتخصص للبت في هاته المنازاعات من خلال ما سبق سوف نعالج هذا الموضوع من خلال التصميم التالي:
المبحث الأول: مجال تطبيق رخصة البناء والجهة المكلفة بمنحها ومسطرتها
المطلب الاول : مجال تطبيق رخصة البناء .
المطلب الثاني :الجهة المكلفة بمنح رخصة لبناء.
المبحث الثاني: القرارات المتخدة بشان طلب رخصة البناء و إجراءات التقاضي بشأنها ,
المطلب الاول: القرارات المتخذة بشان طلبات الترخيص.
المطلب الثاني: :إجراءات التقاضي بخصوص رخصة البناء.
المبحث الاول :مجال تطبيق رخصة البناء مسطرتها والجهات المكلفة بمنحها
إن كل عملية من عمليات البناء تستلزم الحصول على ترخيص ان كانت ستتم بالمناطق التي الزم فيها المشرع الحصول على رخصة البناء هذه الاخيرة التي لابد ان تصدر عن جهات مختصة حتى تكسب قوتها القانونية وان تخضع لمسطرة محددة .
وعلى هذا الاساس سيتم التطرق لمجال تطبيق رخصة البناء في المطلب الاول على ان نتناول في المطلب الثاني مسطرتها والجهات المكلفة بمنحها .
المطلب الاول :مجال تطبيق رخصة البناء .
جعل المشرع المغربي نطاق الزامية الحصول على رخصة البناء ،غير مقتصر فقط على المجال الحضري وانما يطال حتى المجال القروي في حالات محددة (الفقرة الاولى)،الا انه ان كان حدد نطاق الزامية الرخصة ،فانه لم يقم بذلك فيما يخص تحديد الاشغال والاشخاص الخاضعة لهذه الرخصة (الفقرة الثانية)
الفقرة الاولى :نطاق تطبيق رخصة البناء .
جدد المشرع من خلال قانون90.12 المناطق الخاضعة لرخصة البناء وبالرجوع الى كل من المادة 1 والفقرة الثانية من المادة 18 وكذلك المادة 40 فالمناطق الخاضعة لرخصة البناء هي كالتالي .
اولا :الجماعات الحضرية .
نظمت الجماعات الحضرية بموجب ظهير 1959 وقد حدد لائحة هذه الجماعات مرسوم رقم 2.92.468 لسنة 1992.
وقد حدد الميثاق الجماعي رقم 00.78،بموجب مادته الاولى ان الجماعات هي وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام ،وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتنقسم الى جماعات حضرية وجماعات قروية .
فالجماعات الحضرية هي تلك البلديات والمراكز المتمتعة بالشخصيةالمعنوية والاستقلال المالي المسمات المراكز المستقلة وذبموجب المادة من 1 قانون 12.90 وبذلك تكون خاضعة لرخصة البناء
ثانيا :المراكز المحددة .
رغبة من المشرع في الحد من الهجرة القروية ،وايضا توسيع نطاق تطبيق التعمير،صدر ظهير1960المتعلق بالشؤون المعمارية احدث بموجبه المراكز المحددة ،وتعرف هذه الاخيرة بانها اجزاء من جماعات قروية تعين حدودها بمقتضى مرسوم يتخد بناء على اقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير وبعد استطلاع راي الوزراء المكلفين بالداخلية والاشغال العمومية والفلاحة والسكنى ،والمراكز المحددة على خلاف الجماعات الحضرية لا تتمتع بالاستقلال المالي ولا بالشخصية المعنوية .فهذه المراكز فقط تابعة لجماعة قروية تحت تدبير ادارة مباشرة .ذلك ان الهذف من جعل جزء من جماعة قروية عبارة عن مركز محدد هو جعل تلك الجماعة خاضعة لمقتضيات التعمير .
ثالثا :المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة .
تتمثل هذه المناطق في تلك الاراضي القروية المجاورة للجماعات الحضرية والمراكز المحددة .وبالتالي فهي مناطق واقعة خارج المدار الحضري ،لكن لها اهمية استراتيجية بالنسبة لمستقبل المدينة بحيث ان توسع المدينة يتجه نحو هذه المنطقة ويمكن القول ا نهاته الاهمية التي تحضى بها هي التي جعلت من المشرع اخضاعها الغرورة الحصول على رخصة البناء للحيلولة دون انتشار بنايات عشوائية قد تجعل عملية التوسع امرا معقدا .وحسب المادة 1 من قانون 12.90 فتمتد المناطق المحيطة بالمدن الى مسافة 15 كيلو متر تحسب من الدائرة البلدية ونعين المناطق المحيطة بلمراكز المحددة في النص التنظيمي المتعلق بتحديد دائرة كل مركز من هذه المراكز
اذ احدث تداخل بين منطقتين من المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة ،فان حدود كل منهما تعين في النص التنظيمي الصادر باحداتاثها او عند عدم وجوده نص تنظيمي خاص
رابعا :المجموعات العمرانية .
طبقا لمقتضيات قانون 12.90 وخاصة المادة 1،فان المجموعات العمرانية تتكون من كل او بعض جماعة حضرية او عدة جماعات حضرية او مراكز محددة والمناطق المحيطة بها وكذلك ان اقتضى الحال من اراضي قروية تجاورها وترتبط بها علاقات اقتصادية وثيقة وتستسلم تنميتها بصورة رشيدة بتهييئها تهيئة جماعةية او تزويدها بتجهيزات مشتركة او انجازها تبين العمليتين معا فيها .
والهدف من احداث هذه المجموعات الحد من البناء العشوائي وتخطط التجمعات العمرانية المتقاربة في اطار تصميم تهيئة موحدة قصد تنميتها او تزويدها بتجهيزات مشتركة.
خامسا :المناطق ذات الصبغة الخاصة .
تعتبر هذه المناطق من بين المستجدات التي اتى بها قانون 12.90 ،وذلك في الفقرة الثانية من المادة 18، ونص على امكانية تزويدها بتصميم لتهيئتها او تزويد جزء منها بهذا التصميم ، وتشمل هذه المنطقة جميع او بعض اراضي جماعة قروية او جماعات قروية ،تكتسي صبغة خاصة من الناحية السياحية او الصناعية او المنجمية ويستوجب نموها العمراني المترقب تهيئة تخضع لرقابة ادارية وتتولى الادارة تحديد هذه الناطق باقتراح من مجالس الجماعات المختلفة او يطلب من عامل العمالة المعنية او الاقليم المعني في حالة عدم صدور اقتراح كمن هذه المجالس ،وقد اوضحت المادة 17 من المرسوم التطبيقي رقم2.92.89 ان هذه المناطق يتم احداثها بقرار صادر عن الوزير المكلف بالتعمير بعد موافقة الوزير المكلف بالفلاحة والسلطة الحكومية التابع لها القطاع المعني بمعنى ان المنطقة اذ كانت سياحية فالسلطة الحكومية التي تعطي موافقيها هي المكلفة بالسياحة وقرار الوزير المكلف بالتعمير ينشر في الجريدة الرسمية .
وتجدر الاشارة ايضا الى ان عدم وجود اي نص قانوني به ينظم التعمير بالمناطق القروية خلق مشاكل عدة، الشئ الذي جعل المشرع يتنبه لهذا الوضع وتم اصدار ظهير 1960 الذي ادخل اداة جديدة من ادوات التعمير وهي تصميم التنمية وذلك من اجل تزويد الكتل القروية بتصاميم التنمية لك ان المصادقة على هذا الاخير تشكل الزامية رخصة البناء بالنسبة للمناطق التي يشملها التصميم.
الفقرة الثانية :الاشغال والاشخاص الخاضعة لرخصة البناء .
ان المشرع المغربي لم يحدد الاشغال والاشخاص الخاضعة لرخصة البناء بمقتضى قانون 12.90 المتعلق بالتصميم ،وبذلك ياعين الرجوع الى مختلف الدوريات والمناشير لمحاولة معرفة مشاريع البنايات الملزمة بالحصول على رخصة البناء
اولا :البنايات والاشغال الخاضعة لرخصة البناء .
بالرجوع الي مقتضيات قانون 12.90 المتعلق بالتعمير وكذلك ظهير 1960 المتعلق بتوسيع العمارات القروية لانجدما يحدد الاشغال الواجب الحصول بشانها على رخصة البناء ، الشيء الذي يجعل من لفظ البناء المنصوص عليه لفظ عام يصعب من خلاله تحديد الاشغال الملزمة برخصة البناء ، الا انه يمكن القول ان قانون 47.06 ، المتعلق بجبايات الجماعات المحلية قد حدد في مادته 54 عمليات البناء الاتي :
مارات السكن الجماعية او المجموعات العقارية والعقارات المعدة لغرض صناعي او تجاري او مهني او اداري ،ايضا المساكن الفرضية وعمليات الترميم بالاضافة الى ذلك فقد حدد منشور وزير الداخلية رقم 228 لسنة 1989 ان المقصود من عمليات البناء كل بناء تم على ارض غير مبنية والذي يجب ان يتبت على الالرض بواسطة اساس مبني او الاسمنت والذي لا يمكن تحويله بدون هدمه اما عمليات اعادة البناء فيقصد بها كل عملية تتعلق ببناء جديد في عمارة وقع تهديمها جزئيا او كليا .
اما عمليات التوسيع فانها تهم التغيير الذي يتعلق بكل تحويل يهذف الى اضافة بناء الى محل موجود كبناء طابق اضافي في عمارة .
اما عن عمليات التلرميم فيقصد بها جميع الاشغال المتعلقة بالاصلاح او الترميم المنجزة قصدا استصلاح عقار او جزء منه بدون ان يكون هناك هدم، لذلك فهو يتطلب لانجاز رخصة البناء كترميم واجهة او سقف .
ومن المناشير التي ايضا حددت قائمة البنايات والاشغال الخاضعة لرخص البناء هناك منشور رقم 126 المؤرخ في 28 يونيو 1985 المطبق على الدائرة الترابية لاختصاص الوكالة الحضرية للدار البيضاء ،الذي ميز في اطار تحديده للاشغال الخاضعة للرخصة بين المشاريع الخاضعة للمسطرة العادية وتلك الخاضعة لمسطرة سريعة فبالنسبة للاولى –العادية –يمكن الاشارة الى المشاريع التالية :المشاريع المزمع انجازها من طرف او لحساب الادارات او الجماعات او المؤسسات او الشركات العمومية سواء كانت مشاريع تهدف الى تمكينها من القيام بنشاطها الاساسي او مشاريع ذات طابع ثانوي بالمقارنة مع نشاطها الاساسي ،ايضا بين هذه المشاريع بناء المؤسسات ذات الطابع الصناعي ،مشاريع بناء العمارات التي يتعدى او يعادل علوها 13.50.
اما تلك المشاريع التي تخضع لمسطرة سريعة قتذكر بعضها، حسب الدورية 126 بناء السكن الفردي مثلا او جناح او منزل وبصفة عامة كل عمارة يقل علوها او يعادل 11.50، ايضا اصلاحات وتعديلات وتهييئات مباني قائمة تدخل ضمن هذه الفئة وايضا بناء او تهيئة محل ذي طابع تجاري او صناعي من الفئة الثالثة ، يزعم انجازها على مساحة عامة بسفيفة تقل عن 500 متر مربع ويقل علوها عن 5.50
الاانه تجب الاشارة انه اذا كان المشرع المغربي قد اكد على الزامية رخصة البناء بالنسبة للمشاريع والبنايات المشار اليها اعلاه ،فانه المقابل نجد انه تم اعفاء بعد الاشغال نظرا لطبيعتها ، وهو ما قضت به المادة 63 من قانون 90.12 ،"لا تسري احكام الباب الثالث من هذا القانون على المنشات الفنية والجسور والانفاق وعلى التجهيزات الاساسية كالخزانات والسدود..." ويعزى اعفاء هذا النوع من الاشغال لكونها تخضع لدراسات دقيقة واستشارات متعددة قبل الاقدام على انجازها .
ثانيا :الاشغال الخاضعة لرخصة البناء .
مما هو الشان بالنسبة للاشغال الخاضعة لرخصة البناء ،فان الامر نفسه بالنسبة للاشخاص اذ ان المشرع لم يحدد في اي مقتضى من قانون 90.12 "الاشخاص الملزمون بالحصول على رخصة البناء ،وذلك على عكس المشرع الفرنسي الذي نص في الفصل 11.42 من قانون التعمير ان كل من يريد انجاز او تشييد بناية سواء لغرض سكني او غيلرملزم بالحصول على ترخيص مسبقبالبناء وهذه الالزامية تشمل الاشخاص العامة والخاصة وحدد بلامقابل الاشغال المعفاة من الحصول على رخصة البناء .
الا انه يمكن القول ان المشرع لم يحدد الاشخاص الخاضعين لرخصة البناء ،فان هذه الاخيرة تبقلى ضرورية للقيام باي بناء سواء تعلق الامر بالدولة او بالاشخاص الطبيعية او المعنوية او المعنوية العامة والخاصة وايضا المؤسسات العمومية سواء كانت محلية او وطنية.غير ان هذا الفراغ التشريعي بهذا الخصوص يجعل بعض الاشخاص المعنوية العامة تعتقد انها غير ملزمة بالحصول على رخصة البناء .،مما يفتح المجال للقول بضرورة تنبه المشرع لهذه المسالة 1622 وادراج نصوص قانون 12.90 يحدد من خلالها الاشخاصالملزمون بالحصول على رخصة البناء حتى لايبقى اي غموض بهذا الشان .
المطلب الثاني :الجهة المكلفة بمنح لرخصة البناء ومسطرة دراسة ملف طلبها.
قبل التصدي الى شروط الحصول على لرخصة البناء وكيفية دراسة ملفات طلبات هذه الرخص (الفقرة الثانية) لابد لنا في البداية ان نتطرق الى الجهة المكلفة التي منحها القانون صلاحية منح هذه الرخصة (الفقرة الاولى)
الفقرة الاولى :الجهة المكلفة بمنح رخصة البناء .
بناء على نصوص قوانين التعمير وكذلك الميثاق الجماعي المنظم بمقتضى قانون رقم78.00 يتضح ان المشرع منح الشرطة في اتخاد قرار بمنح رخصة البناء لكل رئيس المجلس الجماعي ،وفي حالات اخرى للسلطة المحلية.
اولا :رئيس المجلس الجماعي .
تنص المادة 41 من مدونة التعمير 12.90 على ما يلي " يسلم رخصة البناء رئيس المجلس الجماعي .
وفي المنطقة المحيطة بجماعة حضرية يسلم رخصة البناء رئيس مجلس الجماعة القروية ..." يتبين من خلال نص هذه المادة ان رئيس المجلس الجماعي هو الجهاز الذي تعود لصلاحية منح رخصة البناء ، فرئيس مجلس الجماعة الحضرية التي تقع بدائرتها الارض المراد بنائها او البناء المزمع احداث تغيير فيه او العقار الملراد انشاء تجزئة عقارية بدائرتها ،هو الذي يكون مختصا بتسليم رخصة بناء هذه المشاريع.
واذا تعلق الامر بانجاز احد هذه المشاريع بجماعة محيطة بجماعة حضرية، ففي هذه الحالة يتم منح الرخصة من طرف رئيس المجلس القروي وذلك بتنسيق مع رئيس مجلس الجماعة الحضرية المادة 41
كما تتضح هذه الصلاحية جليا من خلال ما جاء به المثاق الجماعي المنظم بموجب قانون 78.00 بالظهير الصادر بتاريخ 3 اكتوبر 2002،وذلك بناءا على ما نصت عليه المادة 50 منه ،حيث استعرضت هذه المادة صلاحيات او اختصاصات رئيس المجلس الجماعي ، والتي نصت على منح لرخص البناء كواحد من اختصاصات الموكولة لهذا المجلس الى جانب منح رخص التجزئة والتقسيم وغيرها من الاختصاصات .
من هذا المنطلق نقول ان هذه المقتضيات صريحة في تخويل رئيس المجلس الجماعي صلاحية تسليم رخص البناء، كما انه ملزم باتخاد القرار بهذا الشان داخل اجل حدده القانون وان كان غير وارد في نص خاص في مدونة التعمير الا ان هذا الاجل يتضح من خلال المادة 48 .عند حديثها عن حالة سكوت رئيس المجلس الجماعي بخصوص هذا الموضوع ،ففي هذه الحالة اعتبر المشرع ان الرخصة الممنوحة داخل اجل شهرين من تاريخ ايداع طلب الحصول عليها .وبهذه نستنتج ان الاجل الاقصى الذي يلزم خلاله رئيس مجلس الجماعة باتخاد قرار في هذه الشان هو شهران،ولابد من الاشارة في هذا الاطار ان رئيس مجلس الجماعة سواء كانت حضرية او قروية فهو لايتخد القرار بهذا الشان من تلقاء نفسه ولوحده ،بل لابد من اخذ استشارات واستقصاء اراء الجهات المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية .ولما كان الاصل هو ان رؤوساء المجالس الحماعية يعود لهم اختصاص لاقامة البناء فهناك جهات اخرى تمنح لها هذه السلطة .
ثانيا :السلطة المحلية .
مما لاشك فيه ان السلطة المحلية تحل موقعا متميزا في النسق السياسي الامركزي ،اذ تمارس مجموعة من الصلاحيات والاختصاصات الداعمة لمختلف الفاعلين على هذا المستوى اذ يعتبر كقاطرة محركة للاقتصاد والتنمية .والعامل يوجد على راس هذه السلطة عبر احتلاله له مكانة هامة في التنظيم الاداري الامركزي طبقا لنص الفصل 145 من الدستور الحالي .
وكما سبقت الاشارة في الفقرة السابقة ،فالاصل انه كلما تعلق الامر بمنح رخصة البناء ،فالسلطة الادارية المختصة في رئيس المجلس الجماعي،الا انه في حالات يكون العامل مختصا بمنحها ،ويتجلى ذلك في الحالة التي يتعلق فيها الامر بالاماكن المخصصة لاقامة شعائر الدين الاسلامي فيها المنظمة بالظهير الصادر بتاريخ 2 اكتوبر 1984 الذي ينص الفصل 2 منه ان الاماكن المنصوص عليها في هذا القانون تسلم رخصة بناؤها من طرف عامل العمالة او الاقليم المعني ،وذلك بعد استطلاع راي المصالح المختصة بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية وكذلك الوزارة المكلفة بالسكنى والتعمير .
وهذا فيما يخص منح هذه الرخصة من طرف العامل ،ومن جهة اخرى يمكن للباشا ان يعود له الاختصاص ،وذلك اذا تعلق الامر بجماعات المنشور .
وبالتالي فكلما تعلق الامر ببلديات ذات طابع خاص او بالاحرى خاضعة لنظام خاص ،فالباشا هو الذي يمنح الترخيص بالبناء ، وليس هذا الاختصاص فقط، بل كل الاختصاصات المسندة الى رؤساء المجالس الجماعية .وهو ما نصت عليه المادة 136 من قانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي والتي جاء فيها ما يلي ،"يمارس باشا كل جماعة من الجماعات المشار اليها بالمادة السابقة ، الاختصاصات المسندة بمقتضى هذا القانون الى رؤساء المجالس الجماعية ويؤازرها مساعد ، يمكن ان يفوض اليه جزءا من اختصاصاته وينوب عنه اذا تغيب او عاقه عائق ".
الفقرة الثانية: مسطرة دراسة ملف طلب رخصة البناء.
سوف تتم الاشارة الى الوثائق الواجب توفرها في ملف طلب رخصة البناء (اولا) قبل التطرق الى مسطرة دراسة ملف رخصة البناء
اولا :مكونات ملف طلب رخصة البناء .
في ظل غياب نص قانوني في مدونة التعبير وكذا في مرسومها التطبيقي ،الذي يحدد الوثائق الازم وضعها في ملف طلب رخصة البناء ، وفي ظل تاخر صدور مرسوم الخاص بضوابط البناء العامة ،صدرت مجموعة من المناشير منها المنشور عدد 22 (12 ابريل 1995). والتي حددث الوثائق الازمة لطلب رخصة البناء.
وبصدور المرسوم المتعلق بضابط البناء العام لم يحدد هو الاخر هذه الوثائق وان ميز في هذه الوثائق بين الوثائق الاساسية في الملف التي تسلم هذا الملف اذا لم يتضمنها والوثائق الثانوية او التكميلية والتي لا يمكن ان تكون سببا لرفض الطلب عند غياب احدى هذه الوثائق على مستوى الايداع او الدراسة (المادة 33)
وبهذا اكتفى هذا الضابط بالاشارة في المادة 32 منه الى ان تحديد هذه الوثائق يرجع الى قرار مشترك للسلطتين الحكوميتين المكلفتين بالتعمير والداخلية .
وبالفعل صدر هذا القرار الذي حدد الوثائق الاساسية الازمة عند ايداع ملف طلب رخصة البناء ومن هذه الوثائق نجد .
طلب يحمل توقيع صاحب الشان او المهندس واضح تصور المشروع او كل شخص تم انتدابه لهذا الغرض طبقا للنمودج المبين في الملحق رقم 4 المحدد بموجب مرسوم 24 ماي 2013
شهادة ملكية البقعة او البناء القائم او البناء المزمع تغييره او كل وثيقة يقوم مقامها او تخول لصاحب الشان القيام بالبناء او التغيير المزمع انجازه
-تصميم مسلم من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة على الاملاك العقارية والمسح العقاري والخرائطية تعين فيه حدود الارض في حالة ما اذا كان العقار محفظا او تصميم طبوغرافي فسي حالة كان غير محفظ.
-تصميم الموقع البقعة المعنية، وان اقتضى الحال يتضمن وجهتها والطرق الموصلة اليها ، مع بيان اسمائها ومعالم تمكن من تحديد موقعها .
-تصميم البناء يشمل جميع طوابق البناية والطوابق السفلية والتحت ارضية وكذا السطوح والسقائق ، بمقياس لا يقل عن 1/100 .ويجب ان يبين تصميم الطابق السفلي حدود الطريق المحاذي له .ويتضمن كل نقط الحدود والخارجية للبقعة وعلو الترصيف ومساحات الساحات (الصغيرة والكبيرة) وهذه المعطيات يشار اليها في التصميم .
واذا كلن الطلب يهم تغييرا كليا او جزئيا لبناية قائمة ، فيجب ان توضح في التصميم الاجزاء المختلفة بالالوان المتعارف عليها التالية :
-الاجزاء المزمع الابقاء عليها :لون مغايلر
- الاجزاء المزمع بناؤها :لون احمر
- الاجزاء المزمع هدمها :لون اصفر
-التصميم المرخص له سابقا ولرخصة البناء ، وفي حالة عدم توفره ،يلزم على صاحب الشان تقديم تصميم معاينة ماهو قائم.
-عقد المهندس المعماري في الحالات التي تكون فيها الاستعانةة به واحية طبقا للقانون اما فيما يخص الوثائق التكميلية الازمة قبل تسليم رخصة البناء فيجب لن يتضن الملف .
-جذاذة تعريف تحمل توقيعا مصححا لصاحب الشان
-الملف التقني المتعلق بربط البنايات بالشبكة العامة للاتصالات السلكية والاسلكية العامة ، اذ كان الامر يتعلق بعمارة مهما كان غرضها مكونة من 4 مستويات على الاقل من 3 مستويات تشمل على 6 مساكن وكذا بالنسبة للعمارة المخصصة لاغراض تجارية وصناعية تكون مساحة الارض المبنية عليها تساوي او فوق 500 متر ملربع .
-التصاميم التقنية المعدة من طرف المهندسين المختصين والمتعلقة بهيكل واستقرار المباني ومتانتها وفقا للضوابط المعمول بها
-نسخة من معاينة التغنيف اذا كان البناء المزمع القيام به محاذيا لطريق عمومي .
-نسخ من وصل الاداء على الخدمات المؤدى عنها .
وفيما يخص عدد الوثائق الازمة المضافة الى طلب الحصول على رخصة البناء المشار اليها في 8 نسخ .
ثانيا : مسطرة ايداع ملف طلب رخصة البناء ومراحل دراستها .
في ظل تاخر تطبيق قتضيات كل من المادين 59 من دونة التعبير 90-12 و39 من المرسوم التطببقي للقانون السلف الذكر ، صحلرت مجموعة من المناشير التي اطرت عمل اللجان المكلفة بدراسة ملفات طلبات رخص البناء واحداث التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات .
\ونخص بالذكر هنا منشور وزاراة الداخلية رقم 222 الصادر بتاريخ 12 ابريل 1995 المتعلق بمسطرة دراسة طلبات رخص البناء وغيرها من الخص . وكذلك منشور وزراة اعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان والبيئة رقم 2000/1500 الصادر بتاريخ 6 ابريل 2000 المتعلق بتبسيط مسالك ومساطر دراسة طلبيت رخص البناء واحداث التجزئات العقارية وغيرها .
غير انه بعد مرور حوالي 23 سنة تم صدور المرسوم رقم 424-13-2 بتاريخ 24 ماي 2013 بالموافق على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص ونقتصر هنا على رخصة البناء .
وفي هذا الاطار لابد من الاشارة الى ان من اهم مستجدات هذا المرسوم انه احدث هياكل كل جديدة مكلفة بدراسة طلبات رخص البناء وغيرها من الرخص ، اذ نص عللى احداث 4 لجان، لجمة المشاريع الصغرى ولجنة المشاريع الكبرى في اطار لجنة الشباب الوحيد (المادة10 )،ثم لجنة المشاريع الصغرى لجنة المشاريع الكبرى في اطار اللجنة الاقليمية للتعمير (المادة 15)
1-ايداع ملفات طلبات رخص البناء
طبقا للمادة 30 من المرسوم 24 ماي 2013 يتم ايداع طلبات رخص البناء بمكتب ضبط الجماعة المعنية او بمكتب ضبط الشباك الوحيد لرخص البناء وذلك مقابل وصل ايداع مرقم ومؤرخ .غير انه لايتم استلام الملف اذا كان لايتضمن الوثائق الاساسية .
وفي الحالات الخاصة –التي تمت الاشارة اليها سابقا ، مثلا بالنسبة للبلديات الخاضعة لنظام خاص فملف رخصة البناء يتم ايداعها لدى باشا ، كما ان هذا الايداع يتم لدى العامل اذا ما تعلق الامر بالاماكن المخصصة لاقامة شعائر الدين الاسلامي طبقا لما ينص عليه الظهير المنظم لهذه الاماكن ل 2 اكتوبر 1984 المعدل بظهير 23 مارس 2007 بموجب قانون رقم 29.04 .
2-مسطرة دراسة ملفات طلبات رخص البناء
بناءا على المادة 17 من مرسوم 24 ماي 2013 دراسة ملفات طلبات رخص البناء وفق مسطرتين : مسطرة المشاريع الكبرى المنصوص عليها في الملحقق 2 من الضابط العام للبناء هذا مسطرة المشاريع الصغرى والمنصوص عليها بالملحق رقم 3 من هذا الضابط . وبذلك رفع النقاش عن مسطرة الاشغال الطفيفة والمنشات الموسمية او الغرضية ،التي كان منصوص عليها في المنشور 2000/1500 ،وذلك بادماجها ضمن قائمة المشاريع الصغرى .وعمل ما فاللجان المكلفة بالدراسة، اي دراسة ملفات رخص البناء سواء تعلق الامر بالشباك الوحيد او اللجان الاقليمية للتعمير . تتكون من اعضاء دائمون :
في حالة للمشاريع الصغرى من ممثلين عن :
-العمالة او الاقليم
-الجماعة
-الوكالة الحضرية
في حالة المشاريع الكبرى ينضاف الى هؤلاء :
ممثلو المديرية العامة للوقاية المدنية
ممثلو المصالح المختصة في مجال الربط بشبكات الاتصالات السلكية والاسلكية
ممثلو الاجهزة المكفة بتسيير مختلف الشبكات .
اما بالنسبة للاعضاء غير الدائمون : فبالنظر لخصوصيات بعض ملفات رخص البناء فانه يتم الاقتصار على تحديد هؤلاء الاعضاء على ممثلي الادارات التي يتعين لزاما اخذ اراءها والحصول على تاشيرتها المقررةة بموجب التشريعات المنظمة (المادة 23) كما لا يتم الاستعانة في اشغال اللجنة بالاعضاء المؤطر مجال تدخلهم بنصوص تنظيمية الا بطلب صريح من رئيس الجماعة المعنية .
أ-مسطرة المشاريع الكبرى
عند ايداع ملف طلب رخصة بناء تتعلق بمشروع من المشاريع الكبرى تتم احالة هذا الملف على اعضاء اللجنة المكلفة بالدراسة وذلك داخل اجل لا يتعدى 3 ايام مفتوحة، تحتسب من تاريخ تسلم الملف من طرف الجماعة المعنية .
يجب البحث في موضوع الملف داخل اجل لايتعدى 15 يوما مفتوحة من تاريخ تسلم الملف ، وهو ما تمت عليه المادة 18.
ب-مسطرة المشاريع الصغرى
بالنسبة لملفات طلبات رخصة بناء هذه المشاريع يتم عرضها بمجرد ايداعها على لجنة الدراسة المكلفة ويتم التداول بشانها في الحين (المادة19 )
وخلال دراسة ملفات رخص البناء فان المصالح الجماعية المختصة في ميدان التعمير على مستوى الشباك الوحيد لرخص التعمير والمصالح المختصة في ميدان التعمير التابعة للعمالة بكتابة اللجنة الاقليمية للتعمير بكتابة اشغال لجنة الدراسة.
وعموما على الاعضاء ابداء الراي في حدود واختصاصهم داخل اجل المحدد على ابعد تقدير خلال الاجتماع مع ضرورة تجنب الاراء المتعاقبة .
وبعد انتهاء أشغال اللجنة المكلفة بالدراسة يتم تحرير محضر يتضمن الأراء الفردية لأعضائها وعلى هؤلاء تقييد آرائهم على الوثائق المكتوبة و المرسومة ، ثم توجيه هذا المحضر مرفوق بالوثائق المكتوبة والمرسومة إلى رئيس المجلس الجماعي قصد اتخاذ القرار داخل أجل 3 أيام من تاريخ انعقاد اللجنة
المطلب الثاني:إجراءات التقاضي بخصوص رخصة البناء
الفقرة الأولى : الأجهزة المكلفة بظبط و متابعة مخالفات التعمير
حددت المادة 64 من قانون التعمير الأحهزة المكلفة بضبط مخالفات التعمير على الشكل التالي :
ظباط الشرطة القضائية
موظفو الدولة الذين يعتمدهم الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية
كل خبير أو مهندس معماري كلف بهذه المهمة من طرف مجلس جماعس أو إدارة تعمير
لكن الواقع العملي يبين أن ظباط الشرطة القضائية لا يمارسون هذه المهمة باستتناء السلطة المحلية ، المتمثلة في البشوات و القواد هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ؛ غالبا ما يقوم رئيس المجلس الجماعي بتفويض هذه السلطة بموظفين غير أكفاء و ليس لهم دراية بمجال التعميير ، مما ينبغي معه النظر في هذه التفويضات ، من أجل ضمان تطبيق سليم لمقتضيات التعمير و تحقيق الغاية المنشودة منه .
مسطرة ضبط مخالفات التعمير :
ثم التنصيص على المسطر في المادة 65 حيث يقوم المأمور الذي عاين المخالفة بتحرير محضر بذلك ، يوجه لرئيس المجلس الجماعي في أقصر أجل و العامل المعني و المخالف ؛
الفقرة الأولى : الأجهزة المكلفة بظبط و متابعة مخالفات التعمير
حددت المادة 64 من قانون التعمير الأحهزة المكلفة بضبط مخالفات التعمير على الشكل التالي :
ظباط الشرطة القضائية
موظفو الدولة الذين يعتمدهم الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية
كل خبير أو مهندس معماري كلف بهذه المهمة من طرف مجلس جماعس أو إدارة تعمير
لكن الواقع العملي يبين أن ظباط الشرطة القضائية لا يمارسون هذه المهمة باستتناء السلطة المحلية ، المتمثلة في البشوات و القواد هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ؛ غالبا ما يقوم رئيس المجلس الجماعي بتفويض هذه السلطة بموظفين غير أكفاء و ليس لهم دراية بمجال التعميير ، مما ينبغي معه النظر في هذه التفويضات ، من أجل ضمان تطبيق سليم لمقتضيات التعمير و تحقيق الغاية المنشودة منه .
وإذا كانت أشغال البناء في طور الإنجاز يبلغ رئيس المجلس البلدي فور تسلمه للمحضر يصدر معه أمرا للمخالف بوقف الأعمال في الحال .
وفي هذا السياق جاءت الدورية المشتركة في تفعيل أليات المراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير بمقتضيات تستوجب على الوكلاء العاميين لمحاكم الاستئناف ، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية السهر على تصحيح العيوب الشكلية بصفتهم المشرفين على أعمال المكلفين بمهام الشرطة القضائية ، وتكيف المخالفات ، وذلك كله من خلال الإشراف على أعمال الموظفين المكلفين بضبط المخالفات وإرجاع المحاضر الناقصة أو المبتورة أو المشوبة بعيب مسطري و العمل على إضافة البيانات اللازمة للمتابعة وذلك لتحصين عمليات المراقبة من كل التغرات الشكلية قد تعيب محاضر المعاينة ؛
ونشير في هذا الإطار إلى أن محضر ضبط المخالفات في ميدان التعمير غالبا ما يحرر من طرف واحد عملا بالنمودج الذي وضعته وزارة الداخلية ، يشير إلى عون مكلف بصيغة الفرد ، ولكن حتى تكون لهذه المحاضر مصداقية أكثر يجب أن تحرر من قبل عدة أعوان لأنها شهادة على وقوع المخالفة ، وهذه الشهادة لا تصدر من عون مكلف واحد لأنها وثيقة جماعية تنتج أثار قانونية
الفقرة الثانية : القضاء المختص
أولا : المنازعات التي يختص بها القضاء الإداري:
يعتبر القاضي الاداري مختصا في النظر للمنازعات التي تثيرها رخصة البناء باعنبارها قرارا إداريا صادرا عن جهة إدارية مختصة عندما يكون مشوبا بعيب تجاوز السلطة وهذا من أجل إلغائه، أو الحصول على تعويض مناسب كما في حالة رفض الإدارة تسليم رخصة البناء إما صراحة أو ضمنيا، أو تأجيل منحها، أو صدور قرار إداري يرخص بالبناء ثم تلجأ هذه الأخيرة إما إلى سحبه، أو توقيف الأشغال بدون تعليم مبرر.
الأصل أن الدعوى ترفع من قبل طالب رخصة البناء المعني الذي قوبل طلبه بالرفض الصريح أو الذي لحقه ضرر من قبل الادارة، إلا أنه يجوز للغير كذلك رفع هذه الدعاوى عند المنازعة في القرار المتضمن تسليم رخصة البناء، أما في حالة رفضها فلا يكون الغير مصلحة، ومن ثم لا تقبل دعواه لأن القرارات السلبية لا تولد حقوقا مكتسبة، وحتى يتمكن الغير من إلغاء رخصة البناء يجب أن يؤسس دعواه على أوجه عدم المشروعية.
كما يمكن للغير اللجوء إلى طلب وقف تنفيذ رخصة البناء وهذا نظر لصعوبة تفادي الأضرار وإصلاح الأوضاع الناجمة عن رخصة البناء المشوبة بأية مخالفة للحيلولة دون إتمام البناء بأكمله غير أن وقف الأشغال من قبل الجهة الاستعجالية لا يمس بأصل الحق، فهو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم عن مواصلة البناء، في انتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى.
ويشترط في القرار المطعون أن يكون في المقام الأول قرارا ضارا، وفي المقام الثاني أن يكون نهائيا، هذا فضلا عن وجوب اشتراط في المدعي المؤازرة بمحام ما. والمقال الذي يوذعه لدى كتابة الضبط يجب أن يحمل توقيع هذا الأخير وإغفال هذا الشرط من شأنه أن يرتب إبطال هذه الدعوى
ثانيا : المنازعات التي تختص بها جهات القضاء العادي
الحالة التي ينازع فيها الأشخاص الخاصة شرعية رخصة البناء
إن منازعات رخصة البناء التي يختص بها القاضي العادي هي تلك التي ينازع فيها الأشخاص الذين يحكمهم القانون الخاص اثناء تنفيذ الرخصة حول مدى احترام أحكام وبنود رخصة البناء عند الانجاز كالتعدي عن الأملاك المجاورة بشرط أن تلحق هذه الأشغال ضررا شخصيا ومباشرا للغير طبقا لقواعد القانون المدني وأن لا ينازع هؤلاء شرعية الرخصة أو في محتواها.
تؤسس الدعوى في هذا الاطار على أساس وجود خرق لقواعد العمران ومخالفة بنود الرخصة من قبل المرخص له بالبناء تلحق ضررا شخصيا ومباشر بالغير في مفهوم القانون المدني وبدون مناقشة مسألة شرعية الرخصة أو محتواها كاقامة بناية أو طابق يحجب النور أو الهواء عن الجار أو فتح مطل أو نافذة مواجهة لملكية الغير أو عدم التزام المعني بقيود الارتفاق المقررة بالاضافة الى مخالفة القواعد العامة للتهيئة والتعمير المعمول بها.
ان اقامة البناء على خلاف أحكام ومقتضيات رخصة البناء عندما يسبب أضرارا للغير فانه يكون مخالفة لقواعد التعمير التهيئة والتعمير من ناحية ولقواعد القانون المدني من جهة ثانية .
ان الترخيص بالبناء يمنح تحت طائلة الحفاظ على حقوق الغير وعدم المساس بها فاذا ثبت مخالفتها فانه يمكن المطالبة باصلاح الضرر الناتج عن المساس بالحقوق الخاصة أمام القاضي المدني ليحكم هذا الأخير باعادة الحالة الى ما كانت عليه تماشيا مع أحكام رخصة البناء كما يجوز له الحكم بالتعويض المناسب عن الضرر الذي لحق بالغير اذا ما طلب منه الخصم ذلك .
حالة منازعة الأشخاص الخاصة شرعية رخصة البناء
في حالة منازعة الاشخاص الخاصة شرعية رخصة البناء لايمكن الحكم ضد صاحب بناية إلا تم إلغاء هذه الرخصة مسبقا أمام جهات القضاء الاداري ، وعليه يكون للغير المتضرر منها دعويان دعوى إلغاء الرخصة البناء لتجاوز السلطة أمام القضا الاداري ثم اللجوء إلى القاضي المدني لإصلاح الضرر الناتج عن المسؤولية المدنية للمرخص له بالبناء من جراء الأشغال التي أنجزت وفقا لهذه الرخصة الملغاة ذلك أن رخصة البناء هي قرار إداري و القاضي المدني غير مؤهل لإلغائه ، مما يستدعي الأمر التصريح بعدم الإختصاص النوعي .
وفي كلتا الحالتين ، قد يتيه المدعي الغير بين أقسام القضاء الاداري و العادي ، فقد يكون لديه التباس في أن يرفع دعوى التعويض أمام القضاء الشامل العادي أو الاداري وقد يكون لديه شكوك في رفع دعوى الالغاء أمام المحكمة الادارية ليكشف في ما بعد أنه كان يجب أن يرفع دعواه أمام المحكمة العادية وأنداك يكون الوقت قد فات .
الفقرة الثالثة : الجزاءات المقررة للمخالفات
إن أي مخالفة للالتزامات القانونية المفروضة على صاحب البناء تجعله عرضة للجزاءات ، وقد أقر المشرع المغربي جملة من الجزاءات تتمتل في الغرامات المالية التي تطبق على كل من قام بإنتهاك و مخالفة القواعد القانونية ، أي أنها تفرض على كل من قام بانتهاك ومخالفة القواعد القانونية أي أنها تفرض على كل من قام بتنفيد أشغال البناء أو أستعمال أرض متجاهلا بذلك الالتزامات التي يفرضها القانون كما هو الحال في حالة عدم الحصول الرخصة الادارية المنصوص عليها قانونا بمباشرة أعمال البناء إذ جعل قانون 12.90 المتعلق بالتعمير حصول على رخصة البناء من أجل إنجاز أشغال بناء إلزاميا يجعل مخاله عرضة للعقوبات المنصوص عليها في المادة 71 منه و التي جاء فيها يعاقب بغرامة من 10000 إلى 100000 درهم كل من يباشر بناء من غير حصول على إذن الصريح أو الضمني وفي هذا الصدد دهبت المحكمة الابتدائية بالناظور إلى اعتبار البناء بدون رخصة جنحة طبقا لظهير 1992.
كما تطبق نفس الغرامة بحديها الأدنى والأقصى على كل من من ارتكب مخالفة للقواعد المقررة في ضوابط التعمير والبناء العامة أو الجماعية فيما يتعلق باستقرار ومتانة البناء وبحظر استخدام بعض المواد والطرق في البناء وبالتدابير المعدة للوقاية من الحريق أو استعمال المبنى قبل الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة .
ان الغرامة التي تبناها المشرع في مجاللا مخالفة قواعد البناء هي من الغرامات النسبية المحددة بين حدين أقصى وأدنى.
ومن الملاحظ في هذا الصدد أن المشرع المغربي قد قرر عقوبة الغرامة النسبية المذكورة سابقا لجميع أنواع المخالفات والانتهاكات لقواعد قانون البناء والتعمير فهي واحدة لجميع أنواع المخالفات .
لذلك فان ما يؤخذ على المشرع المغربي هو أنه لم يخصص لكل مخالفة نوع محدد من العقوبة حسب نوع ودرجة جسامة المخالفة وأهميتها على الرغم من أنه قرر في المادة 73 من القانون رقم 12.90 عقوبة مخففة تتراوح بين 5000الى 50000درهم اذا اقتصرت المخالفة على عدم احترام ضوابط التعمير والبناء العامة أو الجماعية فيما يتعلق بالمساحة أو الحجم أو الأبعاد أو بشروط التهوية أو بالأجهزة التي تهم النظافة والصحة العامة وقد قلص حدها الأدنى الى 1000 درهم ورفع حدها الأقصى الى 10000 درهم وذلك بالنسبة للمخالفات الاخرى غير المخالفات السابقة و تتضاعف الغرامات في حالة العود .
غير أن جزاءات مخالفة التعمير لا تنحصر فقط في الغرامات المالية إذ يمكن للقاضي العادي أن يحكم باتخاد التدابير اللازمة و الضرورية من أجل فرض احترام قواعد التهيئة و التعمير و الحكم بالهدم و إعادة الأماكن إلى حالها الاصلي أو تنفيد الاشغال اللازمة للتهيئة إضافة إلى النطق بالغرامات وذلك في حالة تماطل الادارة القيام بصلاحياتها فإذا لم تقم الادارة بعملية الهدم فإنه وحسب المادة 77 من قانون 12,90 يجب على المحاكم المختصة أن تأمر بهدم البناء أو تنفيد الاشغال اللازمة ليصير العقار مطابقا للأنظمة المقررة وذلك على نفقة مرتكب المخالفة ويجب تنفيد الاشغال التي تأمر بها المحاكم في أجل ثلاثون يوما يبتدئ من تاريخ تبليغ الحكم النهائي وإذا لم تنفد داخل هذا الاجل يجوز للسلطة المحلية أن تقوم بتنفيدها بعد مرور 48 ساعة على الاندار الموجهة لمرتكب المخالفة
وبذلك لا ينحصر دور القاضي في الحكم بالغرامات بل يمكن أن يحكم أيضا بالتدابير العينة إذ أنه من السمات المميزة لقانون 12.90 الجمع بين العقوبات و التدابير كجزاء مقرر لمخالفة ضوابط البناء و قواعده .
وإذا كان المشرع المغربي قد نص على الغرامات و إتخاد التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة و الهدم كجزاء لمخالفة قواعد التعمير و البناء فإن الملاحظ أنه لم ينص على العقوبات الحبسية رغم مشروع تأهيل العمران 04.04 قد نص على امكانية الحكم على المخالف بالحبس من 15 يوم الى 3 أشهر في حالة العود إلا أن هذا المشروع لم يرى النور .
المطلب الأول: القرارات المتخذة بشأن رخصة البناء
إن القرارات المتخذة بشأن طلبات الترخيص بالبناء لا يمكن أن تخرج عن ثلاث، إما قرار برخصة بناء أو قرار رفض منح رخصة البناء أو تأجيل البث في الملفات.
الفقرة الأولى: قرار منح رخص البناء
سبق القول بأن الجماعة هي المخاطب الوحيد لصاحب الشأن و بالتالي الجماعة الممثلة في رئيسها هي التي تقرر بشأن طلبات الترخيص و في الحالة التي يكون فيها الطلب مستوفيا للشروط و غير مخالف لضوابط البناء كما تنص على ذلك المادة 43 من قانون التعمير 12.90 و يكون أيضا الملف قد احترم مقتضيات المادة 44 التي تنص على أنه "عندما يتعلق الأمر في الجماعات الحضرية و المراكز المحددة ببناء:
-عمارة مهما كان نوعها أو الغرض المخصصة له تتكون من ألربع مستويات على الأقل أو من ثلاث مستويات تشمل عل ستة مساكن.
-عمارة الأغراض التجارية و الصناعية تكون مساحة الأرض المبنية عليها تساوي أو تفوق 500 متر مربع فإن الرخصة لا تسلم إلا إذا كان الملف أو المشروع المبني ينص على إقامة الخطوط اللازمة لربطه بشبكة الاتصالات السلكية و اللاسلكية العامة" و في جميع الأحوال إذا كان الملف مطابقا للأحكام الواردة في التصميم التنطيق و تصميم التنمية فإنه يجب على رئيس مجلس الجماعي أن يمنح لصاحب الشأن رخصة البناء و هذه الأخيرة إما أن تكون صريحة و أما أن تكون مشروطة أي تتضمن بعض التحفظات التي تبديها اللجنة التي قامة بدراسة الملف و قد استحدثت هذه الطريقة تفاديا لرفض مشاريع البناء لأسباب قد لا يكون لها وقع كبير
و بالتالي تقيد التحفظات و تدرج في رخصة البناء و يسلم هذه الأخيرة لرئيس مجلس الجماعي لصاحب الشأن على ضوء الآراء و الاستشارات المعبر عنها من أعضاء اللجنة بالإضافة إلى ذلك فإنه في المجال القروي يجب على رئيس مجلس الجماعي التأكد من أن الملف مستوفي للشروط و الخاصة تلك التي تقتضي بأن تكون مساحة الأرض المزمع إقامة البناء فيها تساوي أو تفوق هكتار و ألا تزيد المساحة القابلة للبناء على 50/1 من مجموع مساحة الأرض بحيث لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تتجاوز 800 متر مربع أما العلو فلا ينبغي أن يزيد عن 8 أمتار و نصف و في بعض الأحوال يمكن لرئيس مجلس الجماعي تليين هذه الشروط بناء على سلطته التقديرية و منح الترخيص لصاحب الشأن بعد موافقة اللجنة المختصة.
و في حالات أخرى يعتبر بمثابة ترخيص للبناء عند سكوت رئيس مجلس الجماعي و عدم إجابته على طلب الترخيص كما تنص على ذلك المادة 48 "في حالة سكوت رئيس مجلس الجماعي تعتبر رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين من تاريخ إيداع طلب الحصول عليها"
الفقرة الثانية: قرار رفض منح رخصة البناء
يعتبر رفض طلب الترخيص من قبل رئيس مجلس الجماعي بمثابة منع صاحب الشأن من تشييد البناء الذي قدم الطلب بخصوصه و هذا القرار لن يتأتى إلا إذا لم يكن الملف قد استوفى الشروط و الضوابط المنصوص عليها في قوانين التعمير و هكذا يتم رفض الترخيص بالبناء لعدة أسباب و نقدم بعض الأمثلة التي يتم رفض الترخيص فيها و من بين هاته الأمثلة عدم احترام صاحب الشأن 5 أمتار الفاصلة بينه و بين المقبرة على سبيل المثال أو يكون مشروع البناء لم يحترم الشروط الربط بالشبكة الصرف الصحي أو يكون أم يحترم الربط بالشبكة الاتصالات السلكية و اللاسلكية العامة .
هذا في المجال الحضري أما في المجال القروي إما أن يكون سبب رفض الملف راجع إلي أن المساحة المراد إقامة البناء عليها لا تساوي هكتار واحد أو يكون علو البناء 8.5 وإما أن صاحب الشأن لم يحترم خمسة أمتار بينه وبين جاره أو لم يحترم عشرة أمتار بينه وبين الطريق العام وهنا يمكن لرئيس مجلس الجماعي رفض طلب الترخيص بيد أن المشرع جعل له السلطة التقديرية في تلين هده الشروط والتغاضي عنها ومنح الرخصة لصاحب الشأن وهنا تبرز بعض الممارسات المشينة تدخل صاحب الشأن في المفاوضات مع رئيس المجلس الجماعي ونادرا ما تتوج هذه المفاوضات بالرشوة
لكن قد يحدث الرفض من طرف رئيس المجلس الجماعي وهذا الرفض اوجب له المشرع تعليلا كما تنص علي ذلك المادة 36 من مرسوم ضابط البناء العام التي جاء في منطوقها يجب على رئيس مجلس الجماعي في حالة رفضه منح الرخصة أن يقوم بتعليل قراره وإخبار صاحب الشأن .
يعتبر تأجيل البث في الملفات من بين القرارات المتخذة بشان طلبات الترخيص وقد حدد قانون التعمير الحالات التي يتم فيها تأجيل البث في الملفات ومن بين هذه الحالات نخص بالذكر :
حالات التي يتضمن فيها تصميم التنطيق تحديد المناطق التي يجوز فيها لرئس المجلس الجماعي أن يؤجل البث في الملفات طلب الترخيص وتجدر الإشارة أن مدة التأجيل هي سنتين وهي مدة سريان تصميم التنطيق
الحالة الثانية هي التي يصدر فيها رئيس مجلس الجماعي بمبادة منه أو بطلب من الإدارة قرار يفضي بدراسة تصميم التهيئة فبمجرد نشر هدا القرار يؤجل رئيس المجلس الجماعي البث في جميع الطلبات الرامية إلى إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو إقامة بناء في رقعة أرضية معينة .
وبالتالي هذه هي القرارات التي يمكن لرئيس مجلس الجماعي اتخادها بشان طلبات الترخيص.
خاتمة
ان ارتباط رخصة لبناء بالانسان وبمشارعه بات امر يستوجب التدبير الجيد لها وخصوص ان الاجراء تعميري من طرف الانسان يستوجب الحصول علي ترخيص اولا مهما كان نوعه وحجمه والا اعتبر دلك الاجراء مخالفة يعقب عليها القانون وباطلاع رخصة لبناء بهده الاهمية يجب وضع اطار قانوني مبسط ويسير للحصول عليها ويجب ايضا اعادة النضر في المجال االقروي لان القاوانين التي تنظمه حاليا تبرز الكثير من الممارسات المشينة وما يزيد من دالك حدة هو اتقال كاهل صاحب الشان بالاتعاب التي يكلفها اعداد الملف هدا من جهة اما من جهة اخرى فيجب وضع ضوابط قانونية ترشد رئيس مجلس الجماعي في القرارات المتخدة تفاديا للشطط في استعمال السلطة
إن الغاية التي يهدف إليها اي قانون للتعمير ويسعى من خلال قواعده ونصوصه إلى تحقييقها،لا تبتعد عن فكرة تنظيم المجال والتحكم في كافة عمليات البناء،سعيا وراء الحد من البناء العشوائي،أو على الأقل التخفيف من حدة مشاكله تدريجيا ، وهذه الغاية لا تتحقق ، أي التنظيم والتخطيط لا يتم دون توفر مجموعة من الوثائق التي تعرف بوثائق التعمير كما تم التطرق إليها في العروض السابقة،التي تساهم في تحقيق هذه الغاية عبر تحديد استعمال كل منطقة على حدة وتخصيص وظائفه
غير أن هذه الوثائق ليست وحدها المنوط بها المساهمة في التنظيم المجالي،فبالإضافة إليها هناك آلية أخرى لا تقل عنها أهمية، ألا وهي رخصة البناء. فقد سن المشرع المغربي مجموعة من القواعد التي حاولت حظر إقامة أي بناء أو إدخال أي تغيير بشأنه دون رخصة يتم الحصول عليها من الجهة المختصة مسبقا. البناء عموما لم يتم تنظيمه في إطار قانون خاص، بل هنك مجموعة من النصوص المتفرقة التي تنظم هذاالمجال. نجد من بينها قانون التعمير 12.90.الذي نظمها في الفصول من 40إلى49. وتجدر الإشارة في هذا الإطار أن المشرع لم ينص في أي مقتضى من مقتضيات قانون التعمير-على الخصوص- على تعريف لرخصة البناء وهكذا تعددت التعاريف الفقهية التي أعطيت لها ، وبهذا يمكن تعريفها بأنها ذلك الإذن الإداري المسبق اللازم لمن يريد الشروع في البناء ، والذي يمكن تسليمه بعد التأكد من قبل السلطات المختصة من مطابقة المشروع
لقواعد استعمال الأرض المطبقة في المنطقة المعنية بالبناء.
وتكمن أهمية رخصة البناء في كونها إحدى الوسائل المتخدة للحد او تقييد حق الملكية
العقارية ،بالنظر لما يقتضيه أمر منحها من مراقبة مسبقة من الجهاز المختص بإعطائها والتأكد من مدى ملائمة موضوع الرخصة للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل .
ومن خلال الإطلاع على النصوص التي تناولت رخصة البناء يتبين أنها حددت مجال تطبيق هذه الرخصة وشروط الحصول عليها ،وكذا السلطة المكلفة بمنحها . وما دام أن رخصة البناء تعتبر كما أشارنا آلية تساهم في التنظيم المجالي ،فإنها تخضع لمسطرة دراسة خاصة قبل منحها أو رفضها في حالة وجود مبرر. كما أن الواقع العملي لمقتضيات رخصة البناء يشهد منازاعات عدة في هذا الصدد ،الأمر الذي يطرح إشكالية القضاء المتخصص للبت في هاته المنازاعات من خلال ما سبق سوف نعالج هذا الموضوع من خلال التصميم التالي:
المبحث الأول: مجال تطبيق رخصة البناء والجهة المكلفة بمنحها ومسطرتها
المطلب الاول : مجال تطبيق رخصة البناء .
المطلب الثاني :الجهة المكلفة بمنح رخصة لبناء.
المبحث الثاني: القرارات المتخدة بشان طلب رخصة البناء و إجراءات التقاضي بشأنها ,
المطلب الاول: القرارات المتخذة بشان طلبات الترخيص.
المطلب الثاني: :إجراءات التقاضي بخصوص رخصة البناء.
المبحث الاول :مجال تطبيق رخصة البناء مسطرتها والجهات المكلفة بمنحها
إن كل عملية من عمليات البناء تستلزم الحصول على ترخيص ان كانت ستتم بالمناطق التي الزم فيها المشرع الحصول على رخصة البناء هذه الاخيرة التي لابد ان تصدر عن جهات مختصة حتى تكسب قوتها القانونية وان تخضع لمسطرة محددة .
وعلى هذا الاساس سيتم التطرق لمجال تطبيق رخصة البناء في المطلب الاول على ان نتناول في المطلب الثاني مسطرتها والجهات المكلفة بمنحها .
المطلب الاول :مجال تطبيق رخصة البناء .
جعل المشرع المغربي نطاق الزامية الحصول على رخصة البناء ،غير مقتصر فقط على المجال الحضري وانما يطال حتى المجال القروي في حالات محددة (الفقرة الاولى)،الا انه ان كان حدد نطاق الزامية الرخصة ،فانه لم يقم بذلك فيما يخص تحديد الاشغال والاشخاص الخاضعة لهذه الرخصة (الفقرة الثانية)
الفقرة الاولى :نطاق تطبيق رخصة البناء .
جدد المشرع من خلال قانون90.12 المناطق الخاضعة لرخصة البناء وبالرجوع الى كل من المادة 1 والفقرة الثانية من المادة 18 وكذلك المادة 40 فالمناطق الخاضعة لرخصة البناء هي كالتالي .
اولا :الجماعات الحضرية .
نظمت الجماعات الحضرية بموجب ظهير 1959 وقد حدد لائحة هذه الجماعات مرسوم رقم 2.92.468 لسنة 1992.
وقد حدد الميثاق الجماعي رقم 00.78،بموجب مادته الاولى ان الجماعات هي وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام ،وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتنقسم الى جماعات حضرية وجماعات قروية .
فالجماعات الحضرية هي تلك البلديات والمراكز المتمتعة بالشخصيةالمعنوية والاستقلال المالي المسمات المراكز المستقلة وذبموجب المادة من 1 قانون 12.90 وبذلك تكون خاضعة لرخصة البناء
ثانيا :المراكز المحددة .
رغبة من المشرع في الحد من الهجرة القروية ،وايضا توسيع نطاق تطبيق التعمير،صدر ظهير1960المتعلق بالشؤون المعمارية احدث بموجبه المراكز المحددة ،وتعرف هذه الاخيرة بانها اجزاء من جماعات قروية تعين حدودها بمقتضى مرسوم يتخد بناء على اقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير وبعد استطلاع راي الوزراء المكلفين بالداخلية والاشغال العمومية والفلاحة والسكنى ،والمراكز المحددة على خلاف الجماعات الحضرية لا تتمتع بالاستقلال المالي ولا بالشخصية المعنوية .فهذه المراكز فقط تابعة لجماعة قروية تحت تدبير ادارة مباشرة .ذلك ان الهذف من جعل جزء من جماعة قروية عبارة عن مركز محدد هو جعل تلك الجماعة خاضعة لمقتضيات التعمير .
ثالثا :المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة .
تتمثل هذه المناطق في تلك الاراضي القروية المجاورة للجماعات الحضرية والمراكز المحددة .وبالتالي فهي مناطق واقعة خارج المدار الحضري ،لكن لها اهمية استراتيجية بالنسبة لمستقبل المدينة بحيث ان توسع المدينة يتجه نحو هذه المنطقة ويمكن القول ا نهاته الاهمية التي تحضى بها هي التي جعلت من المشرع اخضاعها الغرورة الحصول على رخصة البناء للحيلولة دون انتشار بنايات عشوائية قد تجعل عملية التوسع امرا معقدا .وحسب المادة 1 من قانون 12.90 فتمتد المناطق المحيطة بالمدن الى مسافة 15 كيلو متر تحسب من الدائرة البلدية ونعين المناطق المحيطة بلمراكز المحددة في النص التنظيمي المتعلق بتحديد دائرة كل مركز من هذه المراكز
اذ احدث تداخل بين منطقتين من المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة ،فان حدود كل منهما تعين في النص التنظيمي الصادر باحداتاثها او عند عدم وجوده نص تنظيمي خاص
رابعا :المجموعات العمرانية .
طبقا لمقتضيات قانون 12.90 وخاصة المادة 1،فان المجموعات العمرانية تتكون من كل او بعض جماعة حضرية او عدة جماعات حضرية او مراكز محددة والمناطق المحيطة بها وكذلك ان اقتضى الحال من اراضي قروية تجاورها وترتبط بها علاقات اقتصادية وثيقة وتستسلم تنميتها بصورة رشيدة بتهييئها تهيئة جماعةية او تزويدها بتجهيزات مشتركة او انجازها تبين العمليتين معا فيها .
والهدف من احداث هذه المجموعات الحد من البناء العشوائي وتخطط التجمعات العمرانية المتقاربة في اطار تصميم تهيئة موحدة قصد تنميتها او تزويدها بتجهيزات مشتركة.
خامسا :المناطق ذات الصبغة الخاصة .
تعتبر هذه المناطق من بين المستجدات التي اتى بها قانون 12.90 ،وذلك في الفقرة الثانية من المادة 18، ونص على امكانية تزويدها بتصميم لتهيئتها او تزويد جزء منها بهذا التصميم ، وتشمل هذه المنطقة جميع او بعض اراضي جماعة قروية او جماعات قروية ،تكتسي صبغة خاصة من الناحية السياحية او الصناعية او المنجمية ويستوجب نموها العمراني المترقب تهيئة تخضع لرقابة ادارية وتتولى الادارة تحديد هذه الناطق باقتراح من مجالس الجماعات المختلفة او يطلب من عامل العمالة المعنية او الاقليم المعني في حالة عدم صدور اقتراح كمن هذه المجالس ،وقد اوضحت المادة 17 من المرسوم التطبيقي رقم2.92.89 ان هذه المناطق يتم احداثها بقرار صادر عن الوزير المكلف بالتعمير بعد موافقة الوزير المكلف بالفلاحة والسلطة الحكومية التابع لها القطاع المعني بمعنى ان المنطقة اذ كانت سياحية فالسلطة الحكومية التي تعطي موافقيها هي المكلفة بالسياحة وقرار الوزير المكلف بالتعمير ينشر في الجريدة الرسمية .
وتجدر الاشارة ايضا الى ان عدم وجود اي نص قانوني به ينظم التعمير بالمناطق القروية خلق مشاكل عدة، الشئ الذي جعل المشرع يتنبه لهذا الوضع وتم اصدار ظهير 1960 الذي ادخل اداة جديدة من ادوات التعمير وهي تصميم التنمية وذلك من اجل تزويد الكتل القروية بتصاميم التنمية لك ان المصادقة على هذا الاخير تشكل الزامية رخصة البناء بالنسبة للمناطق التي يشملها التصميم.
الفقرة الثانية :الاشغال والاشخاص الخاضعة لرخصة البناء .
ان المشرع المغربي لم يحدد الاشغال والاشخاص الخاضعة لرخصة البناء بمقتضى قانون 12.90 المتعلق بالتصميم ،وبذلك ياعين الرجوع الى مختلف الدوريات والمناشير لمحاولة معرفة مشاريع البنايات الملزمة بالحصول على رخصة البناء
اولا :البنايات والاشغال الخاضعة لرخصة البناء .
بالرجوع الي مقتضيات قانون 12.90 المتعلق بالتعمير وكذلك ظهير 1960 المتعلق بتوسيع العمارات القروية لانجدما يحدد الاشغال الواجب الحصول بشانها على رخصة البناء ، الشيء الذي يجعل من لفظ البناء المنصوص عليه لفظ عام يصعب من خلاله تحديد الاشغال الملزمة برخصة البناء ، الا انه يمكن القول ان قانون 47.06 ، المتعلق بجبايات الجماعات المحلية قد حدد في مادته 54 عمليات البناء الاتي :
مارات السكن الجماعية او المجموعات العقارية والعقارات المعدة لغرض صناعي او تجاري او مهني او اداري ،ايضا المساكن الفرضية وعمليات الترميم بالاضافة الى ذلك فقد حدد منشور وزير الداخلية رقم 228 لسنة 1989 ان المقصود من عمليات البناء كل بناء تم على ارض غير مبنية والذي يجب ان يتبت على الالرض بواسطة اساس مبني او الاسمنت والذي لا يمكن تحويله بدون هدمه اما عمليات اعادة البناء فيقصد بها كل عملية تتعلق ببناء جديد في عمارة وقع تهديمها جزئيا او كليا .
اما عمليات التوسيع فانها تهم التغيير الذي يتعلق بكل تحويل يهذف الى اضافة بناء الى محل موجود كبناء طابق اضافي في عمارة .
اما عن عمليات التلرميم فيقصد بها جميع الاشغال المتعلقة بالاصلاح او الترميم المنجزة قصدا استصلاح عقار او جزء منه بدون ان يكون هناك هدم، لذلك فهو يتطلب لانجاز رخصة البناء كترميم واجهة او سقف .
ومن المناشير التي ايضا حددت قائمة البنايات والاشغال الخاضعة لرخص البناء هناك منشور رقم 126 المؤرخ في 28 يونيو 1985 المطبق على الدائرة الترابية لاختصاص الوكالة الحضرية للدار البيضاء ،الذي ميز في اطار تحديده للاشغال الخاضعة للرخصة بين المشاريع الخاضعة للمسطرة العادية وتلك الخاضعة لمسطرة سريعة فبالنسبة للاولى –العادية –يمكن الاشارة الى المشاريع التالية :المشاريع المزمع انجازها من طرف او لحساب الادارات او الجماعات او المؤسسات او الشركات العمومية سواء كانت مشاريع تهدف الى تمكينها من القيام بنشاطها الاساسي او مشاريع ذات طابع ثانوي بالمقارنة مع نشاطها الاساسي ،ايضا بين هذه المشاريع بناء المؤسسات ذات الطابع الصناعي ،مشاريع بناء العمارات التي يتعدى او يعادل علوها 13.50.
اما تلك المشاريع التي تخضع لمسطرة سريعة قتذكر بعضها، حسب الدورية 126 بناء السكن الفردي مثلا او جناح او منزل وبصفة عامة كل عمارة يقل علوها او يعادل 11.50، ايضا اصلاحات وتعديلات وتهييئات مباني قائمة تدخل ضمن هذه الفئة وايضا بناء او تهيئة محل ذي طابع تجاري او صناعي من الفئة الثالثة ، يزعم انجازها على مساحة عامة بسفيفة تقل عن 500 متر مربع ويقل علوها عن 5.50
الاانه تجب الاشارة انه اذا كان المشرع المغربي قد اكد على الزامية رخصة البناء بالنسبة للمشاريع والبنايات المشار اليها اعلاه ،فانه المقابل نجد انه تم اعفاء بعد الاشغال نظرا لطبيعتها ، وهو ما قضت به المادة 63 من قانون 90.12 ،"لا تسري احكام الباب الثالث من هذا القانون على المنشات الفنية والجسور والانفاق وعلى التجهيزات الاساسية كالخزانات والسدود..." ويعزى اعفاء هذا النوع من الاشغال لكونها تخضع لدراسات دقيقة واستشارات متعددة قبل الاقدام على انجازها .
ثانيا :الاشغال الخاضعة لرخصة البناء .
مما هو الشان بالنسبة للاشغال الخاضعة لرخصة البناء ،فان الامر نفسه بالنسبة للاشخاص اذ ان المشرع لم يحدد في اي مقتضى من قانون 90.12 "الاشخاص الملزمون بالحصول على رخصة البناء ،وذلك على عكس المشرع الفرنسي الذي نص في الفصل 11.42 من قانون التعمير ان كل من يريد انجاز او تشييد بناية سواء لغرض سكني او غيلرملزم بالحصول على ترخيص مسبقبالبناء وهذه الالزامية تشمل الاشخاص العامة والخاصة وحدد بلامقابل الاشغال المعفاة من الحصول على رخصة البناء .
الا انه يمكن القول ان المشرع لم يحدد الاشخاص الخاضعين لرخصة البناء ،فان هذه الاخيرة تبقلى ضرورية للقيام باي بناء سواء تعلق الامر بالدولة او بالاشخاص الطبيعية او المعنوية او المعنوية العامة والخاصة وايضا المؤسسات العمومية سواء كانت محلية او وطنية.غير ان هذا الفراغ التشريعي بهذا الخصوص يجعل بعض الاشخاص المعنوية العامة تعتقد انها غير ملزمة بالحصول على رخصة البناء .،مما يفتح المجال للقول بضرورة تنبه المشرع لهذه المسالة 1622 وادراج نصوص قانون 12.90 يحدد من خلالها الاشخاصالملزمون بالحصول على رخصة البناء حتى لايبقى اي غموض بهذا الشان .
المطلب الثاني :الجهة المكلفة بمنح لرخصة البناء ومسطرة دراسة ملف طلبها.
قبل التصدي الى شروط الحصول على لرخصة البناء وكيفية دراسة ملفات طلبات هذه الرخص (الفقرة الثانية) لابد لنا في البداية ان نتطرق الى الجهة المكلفة التي منحها القانون صلاحية منح هذه الرخصة (الفقرة الاولى)
الفقرة الاولى :الجهة المكلفة بمنح رخصة البناء .
بناء على نصوص قوانين التعمير وكذلك الميثاق الجماعي المنظم بمقتضى قانون رقم78.00 يتضح ان المشرع منح الشرطة في اتخاد قرار بمنح رخصة البناء لكل رئيس المجلس الجماعي ،وفي حالات اخرى للسلطة المحلية.
اولا :رئيس المجلس الجماعي .
تنص المادة 41 من مدونة التعمير 12.90 على ما يلي " يسلم رخصة البناء رئيس المجلس الجماعي .
وفي المنطقة المحيطة بجماعة حضرية يسلم رخصة البناء رئيس مجلس الجماعة القروية ..." يتبين من خلال نص هذه المادة ان رئيس المجلس الجماعي هو الجهاز الذي تعود لصلاحية منح رخصة البناء ، فرئيس مجلس الجماعة الحضرية التي تقع بدائرتها الارض المراد بنائها او البناء المزمع احداث تغيير فيه او العقار الملراد انشاء تجزئة عقارية بدائرتها ،هو الذي يكون مختصا بتسليم رخصة بناء هذه المشاريع.
واذا تعلق الامر بانجاز احد هذه المشاريع بجماعة محيطة بجماعة حضرية، ففي هذه الحالة يتم منح الرخصة من طرف رئيس المجلس القروي وذلك بتنسيق مع رئيس مجلس الجماعة الحضرية المادة 41
كما تتضح هذه الصلاحية جليا من خلال ما جاء به المثاق الجماعي المنظم بموجب قانون 78.00 بالظهير الصادر بتاريخ 3 اكتوبر 2002،وذلك بناءا على ما نصت عليه المادة 50 منه ،حيث استعرضت هذه المادة صلاحيات او اختصاصات رئيس المجلس الجماعي ، والتي نصت على منح لرخص البناء كواحد من اختصاصات الموكولة لهذا المجلس الى جانب منح رخص التجزئة والتقسيم وغيرها من الاختصاصات .
من هذا المنطلق نقول ان هذه المقتضيات صريحة في تخويل رئيس المجلس الجماعي صلاحية تسليم رخص البناء، كما انه ملزم باتخاد القرار بهذا الشان داخل اجل حدده القانون وان كان غير وارد في نص خاص في مدونة التعمير الا ان هذا الاجل يتضح من خلال المادة 48 .عند حديثها عن حالة سكوت رئيس المجلس الجماعي بخصوص هذا الموضوع ،ففي هذه الحالة اعتبر المشرع ان الرخصة الممنوحة داخل اجل شهرين من تاريخ ايداع طلب الحصول عليها .وبهذه نستنتج ان الاجل الاقصى الذي يلزم خلاله رئيس مجلس الجماعة باتخاد قرار في هذه الشان هو شهران،ولابد من الاشارة في هذا الاطار ان رئيس مجلس الجماعة سواء كانت حضرية او قروية فهو لايتخد القرار بهذا الشان من تلقاء نفسه ولوحده ،بل لابد من اخذ استشارات واستقصاء اراء الجهات المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية .ولما كان الاصل هو ان رؤوساء المجالس الحماعية يعود لهم اختصاص لاقامة البناء فهناك جهات اخرى تمنح لها هذه السلطة .
ثانيا :السلطة المحلية .
مما لاشك فيه ان السلطة المحلية تحل موقعا متميزا في النسق السياسي الامركزي ،اذ تمارس مجموعة من الصلاحيات والاختصاصات الداعمة لمختلف الفاعلين على هذا المستوى اذ يعتبر كقاطرة محركة للاقتصاد والتنمية .والعامل يوجد على راس هذه السلطة عبر احتلاله له مكانة هامة في التنظيم الاداري الامركزي طبقا لنص الفصل 145 من الدستور الحالي .
وكما سبقت الاشارة في الفقرة السابقة ،فالاصل انه كلما تعلق الامر بمنح رخصة البناء ،فالسلطة الادارية المختصة في رئيس المجلس الجماعي،الا انه في حالات يكون العامل مختصا بمنحها ،ويتجلى ذلك في الحالة التي يتعلق فيها الامر بالاماكن المخصصة لاقامة شعائر الدين الاسلامي فيها المنظمة بالظهير الصادر بتاريخ 2 اكتوبر 1984 الذي ينص الفصل 2 منه ان الاماكن المنصوص عليها في هذا القانون تسلم رخصة بناؤها من طرف عامل العمالة او الاقليم المعني ،وذلك بعد استطلاع راي المصالح المختصة بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية وكذلك الوزارة المكلفة بالسكنى والتعمير .
وهذا فيما يخص منح هذه الرخصة من طرف العامل ،ومن جهة اخرى يمكن للباشا ان يعود له الاختصاص ،وذلك اذا تعلق الامر بجماعات المنشور .
وبالتالي فكلما تعلق الامر ببلديات ذات طابع خاص او بالاحرى خاضعة لنظام خاص ،فالباشا هو الذي يمنح الترخيص بالبناء ، وليس هذا الاختصاص فقط، بل كل الاختصاصات المسندة الى رؤساء المجالس الجماعية .وهو ما نصت عليه المادة 136 من قانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي والتي جاء فيها ما يلي ،"يمارس باشا كل جماعة من الجماعات المشار اليها بالمادة السابقة ، الاختصاصات المسندة بمقتضى هذا القانون الى رؤساء المجالس الجماعية ويؤازرها مساعد ، يمكن ان يفوض اليه جزءا من اختصاصاته وينوب عنه اذا تغيب او عاقه عائق ".
الفقرة الثانية: مسطرة دراسة ملف طلب رخصة البناء.
سوف تتم الاشارة الى الوثائق الواجب توفرها في ملف طلب رخصة البناء (اولا) قبل التطرق الى مسطرة دراسة ملف رخصة البناء
اولا :مكونات ملف طلب رخصة البناء .
في ظل غياب نص قانوني في مدونة التعبير وكذا في مرسومها التطبيقي ،الذي يحدد الوثائق الازم وضعها في ملف طلب رخصة البناء ، وفي ظل تاخر صدور مرسوم الخاص بضوابط البناء العامة ،صدرت مجموعة من المناشير منها المنشور عدد 22 (12 ابريل 1995). والتي حددث الوثائق الازمة لطلب رخصة البناء.
وبصدور المرسوم المتعلق بضابط البناء العام لم يحدد هو الاخر هذه الوثائق وان ميز في هذه الوثائق بين الوثائق الاساسية في الملف التي تسلم هذا الملف اذا لم يتضمنها والوثائق الثانوية او التكميلية والتي لا يمكن ان تكون سببا لرفض الطلب عند غياب احدى هذه الوثائق على مستوى الايداع او الدراسة (المادة 33)
وبهذا اكتفى هذا الضابط بالاشارة في المادة 32 منه الى ان تحديد هذه الوثائق يرجع الى قرار مشترك للسلطتين الحكوميتين المكلفتين بالتعمير والداخلية .
وبالفعل صدر هذا القرار الذي حدد الوثائق الاساسية الازمة عند ايداع ملف طلب رخصة البناء ومن هذه الوثائق نجد .
طلب يحمل توقيع صاحب الشان او المهندس واضح تصور المشروع او كل شخص تم انتدابه لهذا الغرض طبقا للنمودج المبين في الملحق رقم 4 المحدد بموجب مرسوم 24 ماي 2013
شهادة ملكية البقعة او البناء القائم او البناء المزمع تغييره او كل وثيقة يقوم مقامها او تخول لصاحب الشان القيام بالبناء او التغيير المزمع انجازه
-تصميم مسلم من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة على الاملاك العقارية والمسح العقاري والخرائطية تعين فيه حدود الارض في حالة ما اذا كان العقار محفظا او تصميم طبوغرافي فسي حالة كان غير محفظ.
-تصميم الموقع البقعة المعنية، وان اقتضى الحال يتضمن وجهتها والطرق الموصلة اليها ، مع بيان اسمائها ومعالم تمكن من تحديد موقعها .
-تصميم البناء يشمل جميع طوابق البناية والطوابق السفلية والتحت ارضية وكذا السطوح والسقائق ، بمقياس لا يقل عن 1/100 .ويجب ان يبين تصميم الطابق السفلي حدود الطريق المحاذي له .ويتضمن كل نقط الحدود والخارجية للبقعة وعلو الترصيف ومساحات الساحات (الصغيرة والكبيرة) وهذه المعطيات يشار اليها في التصميم .
واذا كلن الطلب يهم تغييرا كليا او جزئيا لبناية قائمة ، فيجب ان توضح في التصميم الاجزاء المختلفة بالالوان المتعارف عليها التالية :
-الاجزاء المزمع الابقاء عليها :لون مغايلر
- الاجزاء المزمع بناؤها :لون احمر
- الاجزاء المزمع هدمها :لون اصفر
-التصميم المرخص له سابقا ولرخصة البناء ، وفي حالة عدم توفره ،يلزم على صاحب الشان تقديم تصميم معاينة ماهو قائم.
-عقد المهندس المعماري في الحالات التي تكون فيها الاستعانةة به واحية طبقا للقانون اما فيما يخص الوثائق التكميلية الازمة قبل تسليم رخصة البناء فيجب لن يتضن الملف .
-جذاذة تعريف تحمل توقيعا مصححا لصاحب الشان
-الملف التقني المتعلق بربط البنايات بالشبكة العامة للاتصالات السلكية والاسلكية العامة ، اذ كان الامر يتعلق بعمارة مهما كان غرضها مكونة من 4 مستويات على الاقل من 3 مستويات تشمل على 6 مساكن وكذا بالنسبة للعمارة المخصصة لاغراض تجارية وصناعية تكون مساحة الارض المبنية عليها تساوي او فوق 500 متر ملربع .
-التصاميم التقنية المعدة من طرف المهندسين المختصين والمتعلقة بهيكل واستقرار المباني ومتانتها وفقا للضوابط المعمول بها
-نسخة من معاينة التغنيف اذا كان البناء المزمع القيام به محاذيا لطريق عمومي .
-نسخ من وصل الاداء على الخدمات المؤدى عنها .
وفيما يخص عدد الوثائق الازمة المضافة الى طلب الحصول على رخصة البناء المشار اليها في 8 نسخ .
ثانيا : مسطرة ايداع ملف طلب رخصة البناء ومراحل دراستها .
في ظل تاخر تطبيق قتضيات كل من المادين 59 من دونة التعبير 90-12 و39 من المرسوم التطببقي للقانون السلف الذكر ، صحلرت مجموعة من المناشير التي اطرت عمل اللجان المكلفة بدراسة ملفات طلبات رخص البناء واحداث التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات .
\ونخص بالذكر هنا منشور وزاراة الداخلية رقم 222 الصادر بتاريخ 12 ابريل 1995 المتعلق بمسطرة دراسة طلبات رخص البناء وغيرها من الخص . وكذلك منشور وزراة اعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان والبيئة رقم 2000/1500 الصادر بتاريخ 6 ابريل 2000 المتعلق بتبسيط مسالك ومساطر دراسة طلبيت رخص البناء واحداث التجزئات العقارية وغيرها .
غير انه بعد مرور حوالي 23 سنة تم صدور المرسوم رقم 424-13-2 بتاريخ 24 ماي 2013 بالموافق على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص ونقتصر هنا على رخصة البناء .
وفي هذا الاطار لابد من الاشارة الى ان من اهم مستجدات هذا المرسوم انه احدث هياكل كل جديدة مكلفة بدراسة طلبات رخص البناء وغيرها من الرخص ، اذ نص عللى احداث 4 لجان، لجمة المشاريع الصغرى ولجنة المشاريع الكبرى في اطار لجنة الشباب الوحيد (المادة10 )،ثم لجنة المشاريع الصغرى لجنة المشاريع الكبرى في اطار اللجنة الاقليمية للتعمير (المادة 15)
1-ايداع ملفات طلبات رخص البناء
طبقا للمادة 30 من المرسوم 24 ماي 2013 يتم ايداع طلبات رخص البناء بمكتب ضبط الجماعة المعنية او بمكتب ضبط الشباك الوحيد لرخص البناء وذلك مقابل وصل ايداع مرقم ومؤرخ .غير انه لايتم استلام الملف اذا كان لايتضمن الوثائق الاساسية .
وفي الحالات الخاصة –التي تمت الاشارة اليها سابقا ، مثلا بالنسبة للبلديات الخاضعة لنظام خاص فملف رخصة البناء يتم ايداعها لدى باشا ، كما ان هذا الايداع يتم لدى العامل اذا ما تعلق الامر بالاماكن المخصصة لاقامة شعائر الدين الاسلامي طبقا لما ينص عليه الظهير المنظم لهذه الاماكن ل 2 اكتوبر 1984 المعدل بظهير 23 مارس 2007 بموجب قانون رقم 29.04 .
2-مسطرة دراسة ملفات طلبات رخص البناء
بناءا على المادة 17 من مرسوم 24 ماي 2013 دراسة ملفات طلبات رخص البناء وفق مسطرتين : مسطرة المشاريع الكبرى المنصوص عليها في الملحقق 2 من الضابط العام للبناء هذا مسطرة المشاريع الصغرى والمنصوص عليها بالملحق رقم 3 من هذا الضابط . وبذلك رفع النقاش عن مسطرة الاشغال الطفيفة والمنشات الموسمية او الغرضية ،التي كان منصوص عليها في المنشور 2000/1500 ،وذلك بادماجها ضمن قائمة المشاريع الصغرى .وعمل ما فاللجان المكلفة بالدراسة، اي دراسة ملفات رخص البناء سواء تعلق الامر بالشباك الوحيد او اللجان الاقليمية للتعمير . تتكون من اعضاء دائمون :
في حالة للمشاريع الصغرى من ممثلين عن :
-العمالة او الاقليم
-الجماعة
-الوكالة الحضرية
في حالة المشاريع الكبرى ينضاف الى هؤلاء :
ممثلو المديرية العامة للوقاية المدنية
ممثلو المصالح المختصة في مجال الربط بشبكات الاتصالات السلكية والاسلكية
ممثلو الاجهزة المكفة بتسيير مختلف الشبكات .
اما بالنسبة للاعضاء غير الدائمون : فبالنظر لخصوصيات بعض ملفات رخص البناء فانه يتم الاقتصار على تحديد هؤلاء الاعضاء على ممثلي الادارات التي يتعين لزاما اخذ اراءها والحصول على تاشيرتها المقررةة بموجب التشريعات المنظمة (المادة 23) كما لا يتم الاستعانة في اشغال اللجنة بالاعضاء المؤطر مجال تدخلهم بنصوص تنظيمية الا بطلب صريح من رئيس الجماعة المعنية .
أ-مسطرة المشاريع الكبرى
عند ايداع ملف طلب رخصة بناء تتعلق بمشروع من المشاريع الكبرى تتم احالة هذا الملف على اعضاء اللجنة المكلفة بالدراسة وذلك داخل اجل لا يتعدى 3 ايام مفتوحة، تحتسب من تاريخ تسلم الملف من طرف الجماعة المعنية .
يجب البحث في موضوع الملف داخل اجل لايتعدى 15 يوما مفتوحة من تاريخ تسلم الملف ، وهو ما تمت عليه المادة 18.
ب-مسطرة المشاريع الصغرى
بالنسبة لملفات طلبات رخصة بناء هذه المشاريع يتم عرضها بمجرد ايداعها على لجنة الدراسة المكلفة ويتم التداول بشانها في الحين (المادة19 )
وخلال دراسة ملفات رخص البناء فان المصالح الجماعية المختصة في ميدان التعمير على مستوى الشباك الوحيد لرخص التعمير والمصالح المختصة في ميدان التعمير التابعة للعمالة بكتابة اللجنة الاقليمية للتعمير بكتابة اشغال لجنة الدراسة.
وعموما على الاعضاء ابداء الراي في حدود واختصاصهم داخل اجل المحدد على ابعد تقدير خلال الاجتماع مع ضرورة تجنب الاراء المتعاقبة .
وبعد انتهاء أشغال اللجنة المكلفة بالدراسة يتم تحرير محضر يتضمن الأراء الفردية لأعضائها وعلى هؤلاء تقييد آرائهم على الوثائق المكتوبة و المرسومة ، ثم توجيه هذا المحضر مرفوق بالوثائق المكتوبة والمرسومة إلى رئيس المجلس الجماعي قصد اتخاذ القرار داخل أجل 3 أيام من تاريخ انعقاد اللجنة
المطلب الثاني:إجراءات التقاضي بخصوص رخصة البناء
الفقرة الأولى : الأجهزة المكلفة بظبط و متابعة مخالفات التعمير
حددت المادة 64 من قانون التعمير الأحهزة المكلفة بضبط مخالفات التعمير على الشكل التالي :
ظباط الشرطة القضائية
موظفو الدولة الذين يعتمدهم الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية
كل خبير أو مهندس معماري كلف بهذه المهمة من طرف مجلس جماعس أو إدارة تعمير
لكن الواقع العملي يبين أن ظباط الشرطة القضائية لا يمارسون هذه المهمة باستتناء السلطة المحلية ، المتمثلة في البشوات و القواد هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ؛ غالبا ما يقوم رئيس المجلس الجماعي بتفويض هذه السلطة بموظفين غير أكفاء و ليس لهم دراية بمجال التعميير ، مما ينبغي معه النظر في هذه التفويضات ، من أجل ضمان تطبيق سليم لمقتضيات التعمير و تحقيق الغاية المنشودة منه .
مسطرة ضبط مخالفات التعمير :
ثم التنصيص على المسطر في المادة 65 حيث يقوم المأمور الذي عاين المخالفة بتحرير محضر بذلك ، يوجه لرئيس المجلس الجماعي في أقصر أجل و العامل المعني و المخالف ؛
الفقرة الأولى : الأجهزة المكلفة بظبط و متابعة مخالفات التعمير
حددت المادة 64 من قانون التعمير الأحهزة المكلفة بضبط مخالفات التعمير على الشكل التالي :
ظباط الشرطة القضائية
موظفو الدولة الذين يعتمدهم الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية
كل خبير أو مهندس معماري كلف بهذه المهمة من طرف مجلس جماعس أو إدارة تعمير
لكن الواقع العملي يبين أن ظباط الشرطة القضائية لا يمارسون هذه المهمة باستتناء السلطة المحلية ، المتمثلة في البشوات و القواد هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ؛ غالبا ما يقوم رئيس المجلس الجماعي بتفويض هذه السلطة بموظفين غير أكفاء و ليس لهم دراية بمجال التعميير ، مما ينبغي معه النظر في هذه التفويضات ، من أجل ضمان تطبيق سليم لمقتضيات التعمير و تحقيق الغاية المنشودة منه .
وإذا كانت أشغال البناء في طور الإنجاز يبلغ رئيس المجلس البلدي فور تسلمه للمحضر يصدر معه أمرا للمخالف بوقف الأعمال في الحال .
وفي هذا السياق جاءت الدورية المشتركة في تفعيل أليات المراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير بمقتضيات تستوجب على الوكلاء العاميين لمحاكم الاستئناف ، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية السهر على تصحيح العيوب الشكلية بصفتهم المشرفين على أعمال المكلفين بمهام الشرطة القضائية ، وتكيف المخالفات ، وذلك كله من خلال الإشراف على أعمال الموظفين المكلفين بضبط المخالفات وإرجاع المحاضر الناقصة أو المبتورة أو المشوبة بعيب مسطري و العمل على إضافة البيانات اللازمة للمتابعة وذلك لتحصين عمليات المراقبة من كل التغرات الشكلية قد تعيب محاضر المعاينة ؛
ونشير في هذا الإطار إلى أن محضر ضبط المخالفات في ميدان التعمير غالبا ما يحرر من طرف واحد عملا بالنمودج الذي وضعته وزارة الداخلية ، يشير إلى عون مكلف بصيغة الفرد ، ولكن حتى تكون لهذه المحاضر مصداقية أكثر يجب أن تحرر من قبل عدة أعوان لأنها شهادة على وقوع المخالفة ، وهذه الشهادة لا تصدر من عون مكلف واحد لأنها وثيقة جماعية تنتج أثار قانونية
الفقرة الثانية : القضاء المختص
أولا : المنازعات التي يختص بها القضاء الإداري:
يعتبر القاضي الاداري مختصا في النظر للمنازعات التي تثيرها رخصة البناء باعنبارها قرارا إداريا صادرا عن جهة إدارية مختصة عندما يكون مشوبا بعيب تجاوز السلطة وهذا من أجل إلغائه، أو الحصول على تعويض مناسب كما في حالة رفض الإدارة تسليم رخصة البناء إما صراحة أو ضمنيا، أو تأجيل منحها، أو صدور قرار إداري يرخص بالبناء ثم تلجأ هذه الأخيرة إما إلى سحبه، أو توقيف الأشغال بدون تعليم مبرر.
الأصل أن الدعوى ترفع من قبل طالب رخصة البناء المعني الذي قوبل طلبه بالرفض الصريح أو الذي لحقه ضرر من قبل الادارة، إلا أنه يجوز للغير كذلك رفع هذه الدعاوى عند المنازعة في القرار المتضمن تسليم رخصة البناء، أما في حالة رفضها فلا يكون الغير مصلحة، ومن ثم لا تقبل دعواه لأن القرارات السلبية لا تولد حقوقا مكتسبة، وحتى يتمكن الغير من إلغاء رخصة البناء يجب أن يؤسس دعواه على أوجه عدم المشروعية.
كما يمكن للغير اللجوء إلى طلب وقف تنفيذ رخصة البناء وهذا نظر لصعوبة تفادي الأضرار وإصلاح الأوضاع الناجمة عن رخصة البناء المشوبة بأية مخالفة للحيلولة دون إتمام البناء بأكمله غير أن وقف الأشغال من قبل الجهة الاستعجالية لا يمس بأصل الحق، فهو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم عن مواصلة البناء، في انتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى.
ويشترط في القرار المطعون أن يكون في المقام الأول قرارا ضارا، وفي المقام الثاني أن يكون نهائيا، هذا فضلا عن وجوب اشتراط في المدعي المؤازرة بمحام ما. والمقال الذي يوذعه لدى كتابة الضبط يجب أن يحمل توقيع هذا الأخير وإغفال هذا الشرط من شأنه أن يرتب إبطال هذه الدعوى
ثانيا : المنازعات التي تختص بها جهات القضاء العادي
الحالة التي ينازع فيها الأشخاص الخاصة شرعية رخصة البناء
إن منازعات رخصة البناء التي يختص بها القاضي العادي هي تلك التي ينازع فيها الأشخاص الذين يحكمهم القانون الخاص اثناء تنفيذ الرخصة حول مدى احترام أحكام وبنود رخصة البناء عند الانجاز كالتعدي عن الأملاك المجاورة بشرط أن تلحق هذه الأشغال ضررا شخصيا ومباشرا للغير طبقا لقواعد القانون المدني وأن لا ينازع هؤلاء شرعية الرخصة أو في محتواها.
تؤسس الدعوى في هذا الاطار على أساس وجود خرق لقواعد العمران ومخالفة بنود الرخصة من قبل المرخص له بالبناء تلحق ضررا شخصيا ومباشر بالغير في مفهوم القانون المدني وبدون مناقشة مسألة شرعية الرخصة أو محتواها كاقامة بناية أو طابق يحجب النور أو الهواء عن الجار أو فتح مطل أو نافذة مواجهة لملكية الغير أو عدم التزام المعني بقيود الارتفاق المقررة بالاضافة الى مخالفة القواعد العامة للتهيئة والتعمير المعمول بها.
ان اقامة البناء على خلاف أحكام ومقتضيات رخصة البناء عندما يسبب أضرارا للغير فانه يكون مخالفة لقواعد التعمير التهيئة والتعمير من ناحية ولقواعد القانون المدني من جهة ثانية .
ان الترخيص بالبناء يمنح تحت طائلة الحفاظ على حقوق الغير وعدم المساس بها فاذا ثبت مخالفتها فانه يمكن المطالبة باصلاح الضرر الناتج عن المساس بالحقوق الخاصة أمام القاضي المدني ليحكم هذا الأخير باعادة الحالة الى ما كانت عليه تماشيا مع أحكام رخصة البناء كما يجوز له الحكم بالتعويض المناسب عن الضرر الذي لحق بالغير اذا ما طلب منه الخصم ذلك .
حالة منازعة الأشخاص الخاصة شرعية رخصة البناء
في حالة منازعة الاشخاص الخاصة شرعية رخصة البناء لايمكن الحكم ضد صاحب بناية إلا تم إلغاء هذه الرخصة مسبقا أمام جهات القضاء الاداري ، وعليه يكون للغير المتضرر منها دعويان دعوى إلغاء الرخصة البناء لتجاوز السلطة أمام القضا الاداري ثم اللجوء إلى القاضي المدني لإصلاح الضرر الناتج عن المسؤولية المدنية للمرخص له بالبناء من جراء الأشغال التي أنجزت وفقا لهذه الرخصة الملغاة ذلك أن رخصة البناء هي قرار إداري و القاضي المدني غير مؤهل لإلغائه ، مما يستدعي الأمر التصريح بعدم الإختصاص النوعي .
وفي كلتا الحالتين ، قد يتيه المدعي الغير بين أقسام القضاء الاداري و العادي ، فقد يكون لديه التباس في أن يرفع دعوى التعويض أمام القضاء الشامل العادي أو الاداري وقد يكون لديه شكوك في رفع دعوى الالغاء أمام المحكمة الادارية ليكشف في ما بعد أنه كان يجب أن يرفع دعواه أمام المحكمة العادية وأنداك يكون الوقت قد فات .
الفقرة الثالثة : الجزاءات المقررة للمخالفات
إن أي مخالفة للالتزامات القانونية المفروضة على صاحب البناء تجعله عرضة للجزاءات ، وقد أقر المشرع المغربي جملة من الجزاءات تتمتل في الغرامات المالية التي تطبق على كل من قام بإنتهاك و مخالفة القواعد القانونية ، أي أنها تفرض على كل من قام بانتهاك ومخالفة القواعد القانونية أي أنها تفرض على كل من قام بتنفيد أشغال البناء أو أستعمال أرض متجاهلا بذلك الالتزامات التي يفرضها القانون كما هو الحال في حالة عدم الحصول الرخصة الادارية المنصوص عليها قانونا بمباشرة أعمال البناء إذ جعل قانون 12.90 المتعلق بالتعمير حصول على رخصة البناء من أجل إنجاز أشغال بناء إلزاميا يجعل مخاله عرضة للعقوبات المنصوص عليها في المادة 71 منه و التي جاء فيها يعاقب بغرامة من 10000 إلى 100000 درهم كل من يباشر بناء من غير حصول على إذن الصريح أو الضمني وفي هذا الصدد دهبت المحكمة الابتدائية بالناظور إلى اعتبار البناء بدون رخصة جنحة طبقا لظهير 1992.
كما تطبق نفس الغرامة بحديها الأدنى والأقصى على كل من من ارتكب مخالفة للقواعد المقررة في ضوابط التعمير والبناء العامة أو الجماعية فيما يتعلق باستقرار ومتانة البناء وبحظر استخدام بعض المواد والطرق في البناء وبالتدابير المعدة للوقاية من الحريق أو استعمال المبنى قبل الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة .
ان الغرامة التي تبناها المشرع في مجاللا مخالفة قواعد البناء هي من الغرامات النسبية المحددة بين حدين أقصى وأدنى.
ومن الملاحظ في هذا الصدد أن المشرع المغربي قد قرر عقوبة الغرامة النسبية المذكورة سابقا لجميع أنواع المخالفات والانتهاكات لقواعد قانون البناء والتعمير فهي واحدة لجميع أنواع المخالفات .
لذلك فان ما يؤخذ على المشرع المغربي هو أنه لم يخصص لكل مخالفة نوع محدد من العقوبة حسب نوع ودرجة جسامة المخالفة وأهميتها على الرغم من أنه قرر في المادة 73 من القانون رقم 12.90 عقوبة مخففة تتراوح بين 5000الى 50000درهم اذا اقتصرت المخالفة على عدم احترام ضوابط التعمير والبناء العامة أو الجماعية فيما يتعلق بالمساحة أو الحجم أو الأبعاد أو بشروط التهوية أو بالأجهزة التي تهم النظافة والصحة العامة وقد قلص حدها الأدنى الى 1000 درهم ورفع حدها الأقصى الى 10000 درهم وذلك بالنسبة للمخالفات الاخرى غير المخالفات السابقة و تتضاعف الغرامات في حالة العود .
غير أن جزاءات مخالفة التعمير لا تنحصر فقط في الغرامات المالية إذ يمكن للقاضي العادي أن يحكم باتخاد التدابير اللازمة و الضرورية من أجل فرض احترام قواعد التهيئة و التعمير و الحكم بالهدم و إعادة الأماكن إلى حالها الاصلي أو تنفيد الاشغال اللازمة للتهيئة إضافة إلى النطق بالغرامات وذلك في حالة تماطل الادارة القيام بصلاحياتها فإذا لم تقم الادارة بعملية الهدم فإنه وحسب المادة 77 من قانون 12,90 يجب على المحاكم المختصة أن تأمر بهدم البناء أو تنفيد الاشغال اللازمة ليصير العقار مطابقا للأنظمة المقررة وذلك على نفقة مرتكب المخالفة ويجب تنفيد الاشغال التي تأمر بها المحاكم في أجل ثلاثون يوما يبتدئ من تاريخ تبليغ الحكم النهائي وإذا لم تنفد داخل هذا الاجل يجوز للسلطة المحلية أن تقوم بتنفيدها بعد مرور 48 ساعة على الاندار الموجهة لمرتكب المخالفة
وبذلك لا ينحصر دور القاضي في الحكم بالغرامات بل يمكن أن يحكم أيضا بالتدابير العينة إذ أنه من السمات المميزة لقانون 12.90 الجمع بين العقوبات و التدابير كجزاء مقرر لمخالفة ضوابط البناء و قواعده .
وإذا كان المشرع المغربي قد نص على الغرامات و إتخاد التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة و الهدم كجزاء لمخالفة قواعد التعمير و البناء فإن الملاحظ أنه لم ينص على العقوبات الحبسية رغم مشروع تأهيل العمران 04.04 قد نص على امكانية الحكم على المخالف بالحبس من 15 يوم الى 3 أشهر في حالة العود إلا أن هذا المشروع لم يرى النور .
المطلب الأول: القرارات المتخذة بشأن رخصة البناء
إن القرارات المتخذة بشأن طلبات الترخيص بالبناء لا يمكن أن تخرج عن ثلاث، إما قرار برخصة بناء أو قرار رفض منح رخصة البناء أو تأجيل البث في الملفات.
الفقرة الأولى: قرار منح رخص البناء
سبق القول بأن الجماعة هي المخاطب الوحيد لصاحب الشأن و بالتالي الجماعة الممثلة في رئيسها هي التي تقرر بشأن طلبات الترخيص و في الحالة التي يكون فيها الطلب مستوفيا للشروط و غير مخالف لضوابط البناء كما تنص على ذلك المادة 43 من قانون التعمير 12.90 و يكون أيضا الملف قد احترم مقتضيات المادة 44 التي تنص على أنه "عندما يتعلق الأمر في الجماعات الحضرية و المراكز المحددة ببناء:
-عمارة مهما كان نوعها أو الغرض المخصصة له تتكون من ألربع مستويات على الأقل أو من ثلاث مستويات تشمل عل ستة مساكن.
-عمارة الأغراض التجارية و الصناعية تكون مساحة الأرض المبنية عليها تساوي أو تفوق 500 متر مربع فإن الرخصة لا تسلم إلا إذا كان الملف أو المشروع المبني ينص على إقامة الخطوط اللازمة لربطه بشبكة الاتصالات السلكية و اللاسلكية العامة" و في جميع الأحوال إذا كان الملف مطابقا للأحكام الواردة في التصميم التنطيق و تصميم التنمية فإنه يجب على رئيس مجلس الجماعي أن يمنح لصاحب الشأن رخصة البناء و هذه الأخيرة إما أن تكون صريحة و أما أن تكون مشروطة أي تتضمن بعض التحفظات التي تبديها اللجنة التي قامة بدراسة الملف و قد استحدثت هذه الطريقة تفاديا لرفض مشاريع البناء لأسباب قد لا يكون لها وقع كبير
و بالتالي تقيد التحفظات و تدرج في رخصة البناء و يسلم هذه الأخيرة لرئيس مجلس الجماعي لصاحب الشأن على ضوء الآراء و الاستشارات المعبر عنها من أعضاء اللجنة بالإضافة إلى ذلك فإنه في المجال القروي يجب على رئيس مجلس الجماعي التأكد من أن الملف مستوفي للشروط و الخاصة تلك التي تقتضي بأن تكون مساحة الأرض المزمع إقامة البناء فيها تساوي أو تفوق هكتار و ألا تزيد المساحة القابلة للبناء على 50/1 من مجموع مساحة الأرض بحيث لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تتجاوز 800 متر مربع أما العلو فلا ينبغي أن يزيد عن 8 أمتار و نصف و في بعض الأحوال يمكن لرئيس مجلس الجماعي تليين هذه الشروط بناء على سلطته التقديرية و منح الترخيص لصاحب الشأن بعد موافقة اللجنة المختصة.
و في حالات أخرى يعتبر بمثابة ترخيص للبناء عند سكوت رئيس مجلس الجماعي و عدم إجابته على طلب الترخيص كما تنص على ذلك المادة 48 "في حالة سكوت رئيس مجلس الجماعي تعتبر رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين من تاريخ إيداع طلب الحصول عليها"
الفقرة الثانية: قرار رفض منح رخصة البناء
يعتبر رفض طلب الترخيص من قبل رئيس مجلس الجماعي بمثابة منع صاحب الشأن من تشييد البناء الذي قدم الطلب بخصوصه و هذا القرار لن يتأتى إلا إذا لم يكن الملف قد استوفى الشروط و الضوابط المنصوص عليها في قوانين التعمير و هكذا يتم رفض الترخيص بالبناء لعدة أسباب و نقدم بعض الأمثلة التي يتم رفض الترخيص فيها و من بين هاته الأمثلة عدم احترام صاحب الشأن 5 أمتار الفاصلة بينه و بين المقبرة على سبيل المثال أو يكون مشروع البناء لم يحترم الشروط الربط بالشبكة الصرف الصحي أو يكون أم يحترم الربط بالشبكة الاتصالات السلكية و اللاسلكية العامة .
هذا في المجال الحضري أما في المجال القروي إما أن يكون سبب رفض الملف راجع إلي أن المساحة المراد إقامة البناء عليها لا تساوي هكتار واحد أو يكون علو البناء 8.5 وإما أن صاحب الشأن لم يحترم خمسة أمتار بينه وبين جاره أو لم يحترم عشرة أمتار بينه وبين الطريق العام وهنا يمكن لرئيس مجلس الجماعي رفض طلب الترخيص بيد أن المشرع جعل له السلطة التقديرية في تلين هده الشروط والتغاضي عنها ومنح الرخصة لصاحب الشأن وهنا تبرز بعض الممارسات المشينة تدخل صاحب الشأن في المفاوضات مع رئيس المجلس الجماعي ونادرا ما تتوج هذه المفاوضات بالرشوة
لكن قد يحدث الرفض من طرف رئيس المجلس الجماعي وهذا الرفض اوجب له المشرع تعليلا كما تنص علي ذلك المادة 36 من مرسوم ضابط البناء العام التي جاء في منطوقها يجب على رئيس مجلس الجماعي في حالة رفضه منح الرخصة أن يقوم بتعليل قراره وإخبار صاحب الشأن .
يعتبر تأجيل البث في الملفات من بين القرارات المتخذة بشان طلبات الترخيص وقد حدد قانون التعمير الحالات التي يتم فيها تأجيل البث في الملفات ومن بين هذه الحالات نخص بالذكر :
حالات التي يتضمن فيها تصميم التنطيق تحديد المناطق التي يجوز فيها لرئس المجلس الجماعي أن يؤجل البث في الملفات طلب الترخيص وتجدر الإشارة أن مدة التأجيل هي سنتين وهي مدة سريان تصميم التنطيق
الحالة الثانية هي التي يصدر فيها رئيس مجلس الجماعي بمبادة منه أو بطلب من الإدارة قرار يفضي بدراسة تصميم التهيئة فبمجرد نشر هدا القرار يؤجل رئيس المجلس الجماعي البث في جميع الطلبات الرامية إلى إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو إقامة بناء في رقعة أرضية معينة .
وبالتالي هذه هي القرارات التي يمكن لرئيس مجلس الجماعي اتخادها بشان طلبات الترخيص.
خاتمة
ان ارتباط رخصة لبناء بالانسان وبمشارعه بات امر يستوجب التدبير الجيد لها وخصوص ان الاجراء تعميري من طرف الانسان يستوجب الحصول علي ترخيص اولا مهما كان نوعه وحجمه والا اعتبر دلك الاجراء مخالفة يعقب عليها القانون وباطلاع رخصة لبناء بهده الاهمية يجب وضع اطار قانوني مبسط ويسير للحصول عليها ويجب ايضا اعادة النضر في المجال االقروي لان القاوانين التي تنظمه حاليا تبرز الكثير من الممارسات المشينة وما يزيد من دالك حدة هو اتقال كاهل صاحب الشان بالاتعاب التي يكلفها اعداد الملف هدا من جهة اما من جهة اخرى فيجب وضع ضوابط قانونية ترشد رئيس مجلس الجماعي في القرارات المتخدة تفاديا للشطط في استعمال السلطة
الأحكام الخاصة بالملكية المشتركة في القانون المغربي
المقدمة:
لقد عمد المشرع المغربي في القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية على توسيع نطاق تطبيق هذا الأخير، ليشمل علاوة على العقارات المحفظة وفي طور التحفيظ، العقارات غير المحفظة ().
وإذا كان الغرض الأساسي من إضافة هذه الأخيرة إلى نطاق تطبيق هذا القانون هو التخفيف من حدة أزمة السكن التي اجتاحت مختلف ربوع المملكة ()، فإن تدخله بسن أحكام خاصة تنظم العقارات المحفظة بمقتضى الباب الخامس في هذا القانون، لا يعدو أن يكون إلا رغبة منه في تبليغ الوعي بمدى الأهمية التي تكتسيها هذه العقارات داخل الركب التنموي من خلال ما تخلقه من أمن قانوني عامة، وأمن عقاري خاصة ()، يتجلى في حماية ممتلكات الأفراد وضمان الاستقرار اللازم لمعاملاتهم ().
وفي سياق ذي صلة، ومن أجل تعزيز هذه الغايات، لم يغفل المشرع المغربي عن فرض جملة من الآليات لتوثيق التصرفات التي تعتبر هذه العقارات، بنوعيها، المحفظة وفي طور التحفيظ، وغير المحفظة محلا لها.
وإذا كان القانون المغربي للملكية المشتركة للعقارات المبنية قد استقى جل أحكامه من القانون الفرنسي، فإن هذه المقتضيات السالفة الذكر جعلها أحكاما خاصة بالقانون رقم 18.00 ومستقلة عن القانون الفرنسي الذي لم يتناولها بالتنظيم وإن كان هذا يدل على شيء، فما يدل إلا عن اختلاف في الترسانة التشريعية المنظمة للإشهار العقاري ().
وتأسيسا على ما تقدم، قد يتبادر إلى الأذهان القليل من الفضول العلمي إن لم نقل الكثير، من أجل معرفة ما هي خصوصيات هذه الأحكام الخاصة بالملكية المشتركة في القانون المغربي؟ لا من حيث تلك المنظمة للعقارات المحفظة (المبحث الأول) ولا من حيث التصرفات الواردة على العقارات الخاضعة لمقتضيات هذا القانون (المبحث الثاني).
المبحث الأول : الأحكام الخاصة بالعقارات المحفظة في إطار قانون الملكية المشتركة
لقد وضع المشرع تنظيما خاصا بالعقارات المحفظة، حيث خصص لها الباب الخامس من قانون 18.00، وتتضمن هذه الأحكام مقتضيات تهم تأسيس الرسم العقاري الأصلي إلى جانب الرسوم العٌقارية الفرعية الخاصة بالأجزاء المفرزة (المطلب الأول ) كما تتطرق للتصرفات والعمليات الواردة على العقار بعد تأسيس الرسوم العقارية (المطلب الثاني)
المطلب الأول : الإجراءات المتبعة لتأسيس الرسوم العقارية
إن الأحكام الخاصة بالعقارات المحفظة التي نص عليها قانون 18:00 خاصة في الفصلين 49 و 50 لم يحدد التفاصيل المتعلقة بالوثائق الازم إيداعها والإجراءات المتبعة لتأسيس الرسوم العقارية ، ووعيا بهذا النقص أصدرت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية الدورية رقم 380 بتاريخ 28 اكتوبر 2003 ، واستنادا لهذه الدورية وقانون 18.00 سنتطرق لتحديد العمليات التقنية المساهمة في افراز الرسوم العقارية (فقرة أولى ) لنتطرق لتحديد العمليات الإدارية التي تختص بإنجازها بعض الجهات المختصة (فقرة ثانية )
الفقرة الأولى : العملية التقنية لتأسيس الرسوم العقارية
لتأسيس الرسوم العقارية الفرعية يتعين مبدئيا القيام بعملية تقنية يتولها المهندس الطبوغرافي (أولا) ليتم عقب ذلك مراقبة هذه العملية من قبل مصلحة المسح الطبوغرافي (ثانيا).
أولا: دور المهندس الطبوغرافي في عملية إفراز الرسوم العقارية
يشكل إعداد الملف التقني من قبل المهندس الطبوغرافي مرحلة مهمة في عملية إفراز الرسوم العقارية ، فعلى أساسه يتم تحديد الأجزاء المفرزة والأجزاء المشتركة ، ويتضمن هذا الملف نظام الملكية المشتركة و مختلف التصاميم المتعلقة بالبناء .
وبالرجوع إلى مقتضيات قانون 18.00 نجده لم يوضح بتفصيل الوثائق المكونة للملف التقني للملكية المشتركة وذلك بعد الإحالة على نص تنظيمي طبقا للفصل 50 من نفس القانون ، إلا أن الممارسة
العملية اليوم تستند الى دورية 380، لتحديد الوثائق التي يتعين ان ترفق بالملف التقني ويمكن ادراج بعضها في :
- محضر الاحدات
- رخصة البناء والتصاميم المعمارية " بدون تغيير " وعند الاقتضاء دفتر التحملات ، ويجب ان تكون هذه الوثائق حاملة لخاتم الجهة التي منحتها للباني و القسم التقني التابع لها
-نسختان من محضر التقسيم موقع من لدن المهندس والمالك او المالكين عند تعددهم
- نسختان من نظام الملكية المشتركة مصادق عليها من لدن المالك
- جدول المساحات حرف (ب) المحدد لمحتويات الملكية المشتركة-التصاميم الطبوغرافية للملكية لكل المستويات : القبو ( ان وجد) الطابق الارضي وباقي الطبقات و السطح،
وللإشارة في حالة المجتمعات العقارية يعطى لكل عمارة او عقار حرف او اسم ويخضع كل من عقار او عمارة لنفس الشروط اعلاه مع توفر نظام وحيد للملكية المشتركة .
وبعد تضمين الملف التقني لكل الوثائق الضرورية يتم ايداعه من طرف المالك او نائبه او المهندس الطبوغرافي مقابل وصل قصد اخضاعه لرقابة دقيقة لتقرير مدى صحتها .
ثانيا : دور مصلحة المسح العقاري في عملية افراز الرسوم العقارية
بعد ايداع الملف للملكية المشتركة تستهل مصلحة المسح العقاري مهمتها بالتأكد من وجود الرسم العقاري ومن كون التصميم قد احيل على مصالح المحافظة على الاملاك العقارية والا فان هذه المصلحة تقوم في نفس الوقت بعمليات وضع تصميم للوعاء العقاري وللملكية المشتركة وبعد ذلك تقوم نفس المصلحة بإخضاعه لمراقة ميدانية دقيقة تتمثل فيما يلي :
- مقارنة التصاميم الطبوغرافية الخاصة بكل طابق مع التصميم المعماري "بدون تغيير" ورخصة البناء بهدف التحقق من مدى وجود تطابق بينهما ، وخاصة فيما يتعلق بعدد الاجزاء الفرزة ومساحتها ،ابعادها و التحملات العقارية ان وجدت ، علو البناء المرخص به ، الغرض المخصص له كل جزء وايضا مدى احترام القياسات الخاصة بالأجزاء المفرزة وغيرها.
- مراقبة مدى احترام التصاميم الطبوغرافية للملكية المشتركة للمعايير المعتمدة في اعداد التصاميم من حيث خصائصها ،مقاييسها ، والبيانات التي ينبغي ان يتضمنها ومدى احترامها للقواعد الامرة في قانرن 18.00
- تحديد الاجزاء المفرزة وتوابعها من اجزاء مشتركة وقياس حصتها ومطابقتها لما هو وارد في التصاميم الطبوغرافية
- قياس مساحة الارض وحدودها ومدى تجاوز البناء لهذه الحدود ام لا وذلك عبر مراقبة التصاميم ...،
وتجدر الاشارة ان هذه الاجراءات تم التنصيص عليها في مذكرة 3149 بتاريخ 7 يونيو2006 من المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري لتذكيرهم بضرورة الالتزام بها .
ويمكن تلخيص مراقبة وفحص الملكية المشتركة طبقا للدورية 380 في انه يجب اجراء قياسات وتحديد جميع اجزاء العقار المشترك ومطابقة التصاميم الطبوغرافية لحالة البناء بعين المكان .
وعقب ذلك يتم اجراء معاينة للتأكد من وجود البيانات ومدى مطابقتها للوثائق المكونة للملف التقني، وتتضمن هذه المعاينة محضر خاص بالإحداث وحالة الملك ، ثم محضر التقسيم الذي يشمل وصف دقيق لمحتويات كل طابق وتحديد الاجزاء المشتركة و الاجزاء المفرزة التي تكونه.
وفي نهاية مختلف هذه الاجراءات يتم تقديم الملف الكامل لرئيس الهندسة بمصلحة المسح العقاري قصد التأشير علية بعد التحقق من مدى مطابقة كل الوثائق المكونة للملف والتأكد من صحتها ،وبذلك يتم امضائه على محرر عبارة عن توصيل يقدم للمعني بالأمر اضافة الى وثائق اجرى تتضمن :
- نظام الملكية العينية المشتركة-والمحضر الوضعي للتقسيم
- نسختان من التصاميم الطبوغرافية لكل جزء مفرزو لكل طبقة بما في ذلك السطح
فقرة ثانية : العملية الادارية لتأسيس الرسوم العقارية
لقد ارتأينا التطرق في هذه الفقرة الى تحديد دور كل من رئيس مصلحة التجزئة في افراز الرسوم العقارية في نقطة اولى (اولا) ثم دور المحافظ العقاري في نقطة ثانية (ثانيا)
اولا: دور رئيس مصلحة التجزئة في عملية افراز الرسوم العقارية
بعد احالة الملف المتضمن لمجمل الوثائق والرخص والتصاميم يتم تعبئة المسودة الخاصة بتقييد نظام الملكية المشتركة ،حيث يتم تحديد الاجزاء المفرزة ورقم كل واحد منها والمعروف به في التصاميم ثم اسمائها والطابق الذي توجد به ،وابان ذلك يتم تحديد الاجزاء المشتركة والرقم المخصص لها مع تحديد نسبها الشائعة المتربطة بكل جزء مفرز .
وعقب ذلك يتم تحديد المسودة الخاصة بتقييد الرسم العقاري الاصلي في اسم اتحاد الملاك بعد ان اصبح يتضمن فقط الاجزاء المشتركة ، ثم يتم تعبئة المسودة الخاصة بالرسوم العقارية الفرعية والتي يتضمن كل واحد منها رقم الرسم العقاري الاصلي و اسم الملك مع رقم كنأش الايداع وتاريخ هذا الايداع وعدده، ثم ينم وصف الملك وذلك بتسجيل رقم كل جزء مفرز ومساحته وعله وكذا الاجزاء المشتركة المرتبطة به تو اسم العمارة التي ينتمي اليها والبنود الاساسية لنظام الملكية المشتركة المرتبة به ، اضافة الى ذلك تسجيل محضر مراقبة التصاميم الهندسية وبعد ذلك يتم تأسيس الرسو العقاري المفرز لكل جزء مفرز ثم تسليم كل رسم لصاحبه،
وبعد كل هذه الخطوات والاجراءات يتم ارسال ورقة، لإعلام المصلحة الطبوغرافية لتأسيس رسم عقارية فرعية مماثلة بمصلحة الهندسة .
ثانيا : دور المحافظ العقاري في عملية افراز الرسوم العقارية
يمكن ابراز الدور الذي يقوم به المحافظ على الاملاك العقارية في اطار قانون 18.00 من خلال الرقابة التي يخضع لها تقييد نظام الملكية المشتركة في المحافظة بهدف تأسيس رسوم عقارية ليتأكد من صحة العمليات المنجزة شكلا و موضوعا ن حيث يضع على المطلب عبارة " صالح للأداء " ليتم اداء الواجبات في صندوق المحافظة العقارية وبعد ذلك يتم تسجيل المطلب بسجل الايداع .
وبعد ذلك يباشر مراقبوا المحافظة العقارية عملية افراز الرسوم العقارية اشرافه عليها وابان ذلك يتم تأسيس الرسوم العقارية الفرعية لأداء وظيفتها بمعزل عن الرسم العقاري الاصلي ،حيث تخول للمالك سائر سلطات حق الملكية ،شريطة احترام مقتضيات قانون نظام الملكية المشتركة ،
ويترتب عن عملية افراز الرسوم العقارية اثار مهمة بما فيها تقييد الحقوق العينية والعمليات العقارية على الرسم العقاري .
المطلب الثاني: التصرفات والعمليات الواردة على العقار بعد تأسيس الرسوم العقارية
إن الإجراء الرامي إلى تأسيس الرسوم العقارية الخاصة بكل جزء مفرز من العقار جراء عملية تقسيمه إلى شقق أو طبقات أو محلات لا توقف إبرام التصرفات بالنسبة للأجزاء المفرزة (الفقرة الأولى) ولا حتى الشروع في القيام بأي عملية ممكنة عليها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التصرفات الواردة على الأجزاء المفرزة بعد تأسيس الرسوم العقارية الخاصة بها
أولا: حجية الرسوم العقارية الخاصة بالأجزاء المفرزة
يعتبر من المسلم به أن ترتب الرسوم العقارية الفرعية الآثار التي ترتبها الرسوم العقارية الأم () عند صدور قرار المحافظ بإنشائها، فهي وإن كانت خاصة بالأجزاء المفرزة، ففي آخر المطاف تظل متفرعة عن الرسم العقاري الأصلي، الأمر الذي يستتبعه الجزم بأن كل مقتضى ينظم الرسوم العقارية الأصلية، ينظم الرسوم العقارية المتفرعة عنها، وهذا ما يتوافق شدة التوافق مع القاعدة التي تقضي بأن "الفرع يتبع الأصل" ()، وعليه، من شأن هذه المقتضيات أن تسوقنا إلى تسطير النتائج التالية:
1- أن الرسوم العقارية الفرعية لها من القوة ما يطهر الجزء المفرز من جملة النزاعات الممكن افتعالها بعد إنشاء الرسم العقاري الخاص بهذا الجزء المفرز، والتي يرام منها دحض سبب تملكه وتملك الحقوق المثقل بها، كما ويعتبر الرسم العقاري الخاص بهذا الأخير نقطة الانطلاق الوحيدة لجميع الحقوق العينية التي قد تنشأ أو تنقل بعد إصداره.
2- تثبيت الرسم العقاري للجزء المفرز من الناحية المادية والقانونية ()، بصيغة أخرى، أن ما يثبت للعقار
من قوة ثبوتية جراء التحفيظ، يثبت للجزء المفرز المنشأ لأجله رسم عقاري خاص به.
ثانيا: تقييد الحقوق والتحملات العقارية على الرسم العقاري الخاص بكل جزء مفرز
إن المقتضى الذي جاء به الفصل 52 من القانون رقم 18.00، والذي يقضي بتقييد الحقوق والتحملات العقارية المتعلقة بكل جزء مفرز في الرسم العقاري الخاص به لهو خير حجة على أنه لا مناص من اعتبار أن الرسم العقاري الأخير يوازي الرسم الأصلي من حيث المقتضيات المطبقة عليه بشأن التقييدات ().
ومما يستدعي التدقيق بشأنه في هذا المقام، هو الفقرة الثانية من الفصل 49 من هذا القانون التي تقضي بتأسيس رسم عقاري خاص في اسم مالك حق الانتفاع عند الاقتضاء.
والتأني في قراءة هذه الفقرة، يمكن استنتاج أن هذا المقتضى الذي جاءت به المادة هو مخالف للقواعد العامة المسطرة بموجب قانون التحفيظ العقاري رقم 14.07 التي تخول للمالك وحده دون غيره الحصول على نظير الرسم العقاري، وفي حالة تعدد الشركاء، يحصل عليه الشريك الذي فوض من قبل الشركاء، أما هؤلاء علاوة على أصحاب الحقوق العينية، أصلية كانت أم تبعية، فلا أحقية لهم سوى في الحصول على شهادة عقارية خاصة تثبت ملكيتهم، مما يدفع إلى طرح التساؤلات التالية:
+ لماذا حق الانتفاع على وجه التحديد هو الذي يخول إنشاء رسم عقاري في اسم مالكه؟
+ ومتى تتحقق حالة الاقتضاء المشار إليها في هذه الفقرة والتي تمكن من اتخاذ هذا الإجراء؟
+ وما الغاية التي توخاها المشرع المغربي من سن هذه القاعدة القانونية؟
طبقا لما هو مقرر تشريعا () وقضاء () وفقها ()، فإن مالك الحق أو التحمل العقاري لا يحق له الحصول
سوى على شهادة عقارية خاصة تثبت حقه.
وبناء على مقتضيات الفصول 3 و20 و21 و22 من القانون رقم 18.00، فإن لكل مالك مشترك حق الانتفاع بالأجزاء المشتركة للعقار.
وتأسيسا على ما تقدم، وحيث أنه قد يتقلب الأمر بين حق الانتفاع القانوني المتعلق بالأجزاء المشتركة المخول لكل مالك بمقتضى القانون رقم 18.00 وبين حق الانتفاع الذي قد يترتب على الجزء المفرز للبناء المشترك، فإن من موجبات الإدارة الرشيدة للبناء المشترك، أن تتم التفرقة بين الحقين.
لهذه الأسباب، قضى المشرع بإنشاء رسم عقاري خاص في اسم مالك حق الانتفاع الوارد على الجزء المفرز.
وعليه، فإن الحالة التي يتحقق بموجبها الاقتضاء الرامي إلى اتخاذ هذا الإجراء، هي تلك التي يرتب بمقتضاها
مالك الجزء المفرز حق انتفاع على ملكه.
ومما لا ينبغي تفويت مناقشته في هذا المقام، ما دمنا في خضم الحديث عن التقييدات، فمما يمكن تقييده كذلك في الرسم العقاري، هو نظام الملكية المشتركة.
وطبقا للفصل 51 من القانون 18.00، من البيانات التي يتعين إدراجها في نظام الملكية المشتركة هي إعراب الملك عن نيته في التقيد بنظام الملكية المشتركة وتقييد بالسجل العقاري.
وقياسا بمفهوم المخالفة، ماذا لو رفض المالك الإعراب عن نيته في التقيد بهذا النظام وتقييده بالسجل العقاري؟
هل من شأن ذلك أن يعرض نظام الملكية المشتركة لعدم قبول تقييده بالسجل العقاري؟
إذا ما تم الرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل 8 من هذا القانون، فإن المالك الأصلي أو الشركاء باتفاق بينهم، ملزمين بوضع نظام الملكية المشتركة، وقياسا، فإن المالك، سواء كان هو من وضع النظام أو الملاك المشتركين، ملزم بالتقيد بنظام الملكية، فالعلة من التقيد بأحكام النظام هي التدبير الحسن للعقار بغية الحفاظ عليه، ولا يسوغ الاعتقاد بإلزامية النظام بالنسبة للملاك المشتركين فقط دون المالك الأصلي، مما يمكن معه القول بأن العلة هي متساوية بين هذا الأخير والملاك المشتركين، زد على ذلك، أن الفقرة عينها تلزم التقيد بأحكام القانون رقم 18.00، وعليه، فإن المالك هو ملزم بالتقيد بنظام الملكية المشتركة سواء هو من وضعه أو الملاك المشتركين، وسواء أعرب عن نيته بذلك أم لا.
أما في ما يخص التقيد بتقييد النظام بالسجل العقاري، فلا يمكن التناسي بإلزامية كل من الفصل 11 و50 من هذا القانون اللذين يحتمان إشهار نظام الملكية بتقييده بالسجل العقاري.
وخلاصة القول استنادا إلى ما تقدم بيانه، ومن وجهة نظر شخصية متواضعة جدا، ينبغي على المشرع المغربي أن يبادر في أقرب فرصة تتاح له من أجل تعديل الفصل 51 من هذا القانون، وعلى وجه التخصيص، البيان الأول، عن طريق حذفه من التضمين في نظام الملكية المشتركة لتعارضه مع نصوص إلزامية، تعتبر من المسلمات التي قضى بها هذا القانون.
الفقرة الثانية: العمليات الواردة على العقار بعد إنشاء الرسوم العقارية
وتجمل في ثلاث عمليات: الضم والتقسيم (أولا)، ثم عملية التقسيم (ثانيا).
أولا: الضم والتقسيم:
إن عملية ضم الأجزاء المفرزة في رسم عقاري واحد، هي منظمة بمقتضى الفصل 54 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14.07، الفصلين 20 و21 من القرار الوزيري بتاريخ 3 يونيو 1915 المتضمن للتفاصيل المتعلقة بتطبيق نظام التحفيظ العقاري، وأخيرا وليس آخرا، الفصل 57 من القانون رقم 18.00.
وبالرجوع إلى مقتضيات هذه الفصول، فإنه يستوي أن يشتمل الضم بعض الأجزاء المفرزة أو كلها، فلا يتم ذلك إلا بشروط ():
+ أن تكون الأجزاء المراد ضمها متقاربة بحيث تشكل مجموعة واحدة.
+ أن تكون مملوكة لشخص واحد، أو عدة أشخاص على الشياع.
+ أن يتقدم صاحب الشن بطلب مكتوب إلى المحافظ على الأملاك العقارية يبين فيه رغبته في ضمها.
ومما يستوجب إثارة الانتباه إليه في هذا الصدد، هو أنه ولئن كان من المخول قانونا لمالك هذه الأجزاء المفرزة أن يضمها في رسم عقاري واحد، فإن المادة الرابعة من القانون رقم 18.00 ذات الصبغة الآمرة، تجعل من الجدران والحواجز الفاصلة بين شقتين أو محلين، أجزاء مشتركة، مما يخلق إشكالا قانونيا
من حيث التطبيق حسب رأي بعض الفقه ().
لكن من وجهة نظر شخصية وجد متواضعة، فإن الغرض الأساسي من جعل المادة 4 مادة إلزامية هي تقييد حق ملكية المالك المشترك في جزئه المفرز، وخاصة في الحالة التي قد يمارس بعض التصرفات المادية على الحائط المشترك الرابط بين شقته مثلا والشقة جاره، حيلولة دون الإضرار به، لكم وحيث أن الشقتين قد انتقلتا إلى الذمة المالية للمالك، الأمر الذي لن يؤدي إلى إحداث أي ضرر لأن هتين الأخيرتين قد أصبحتا في ملكيته شريطة احترام بطبيعة الحال ضوابط البناء، وعدم التسبب في ضرر للعقار.
هذا في ما يهم تملك بعض من الأجزاء المفرزة، أما في الحالة التي يتملك فيها الشخص جميع الأجزاء المفرزة، فطبقا للفقرة الثانية من الفصل 57 من هذا القانون، ينقضي اتحاد الملاك، ولكن في المقابل سكت المشرع عن إمكانية تطبيق مقتضيات القانون وخاصة نظام الملكية المشتركة من عدم ذلك، الأمر الذي يحيلنا إلى طرح التساؤل التالي: " هل يجوز تشبيه هذه الحالة التي يتملك بموجبها المالك جميع الأجزاء المفرزة وينقضي تبعا لذلك اتحاد الملاك بالحالة التي يجتمع فيها جميع رأسمال الشركة بيد شريك واحد، فتتحول الشركة بإرادة منه إلى الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد وتبقى متمتعة بشخصيتها المعنوية واستقلالها المالي، أم لا؟ ".
يمكن القول في هذه الحالة بأنه يدق التمييز، بين ما إذا أراد المالك بيع الأجزاء المفرزة إلى أشخاص مختلفين مع إمكانية إدخال التعديلات التي تهم الغرض المخصص العقار، إما من أجل السكن أو الاستعمال المهني أو التجاري أو أن يمون غرضا مختلطا، وفي هذه الحالة يمكن الإبقاء على نظام الملكية المشتركة ومن ثم تطبيق مقتضيات القانون رقم 18.00، أما إذا أراد المالك تخصيص العقار بجميع أجزائه لاستعمال شخصي بحيث يصبح مالكا لجميع الأجزاء دون إمكانية تفويت أحدها، فلا مناص من خروج هذا العقار من نطاق تطبيق القانون رقم 18.00.
هذا فيما يخص عملية الضم، أما إذا ما عرجنا على عملية التقسيم، وهي تلك المنظمة بمقتضى الفصل 58
من القانون رقم 18.00، والتي تفتح المجال للمالك بتقسيم جزئه المفرز، تقسيما يزيد من عدد الأجزاء المفرزة المكونة للعقار.
غير أنه وعي المشرع المغربي بدرجة انعكاس هذا التقسيم على مجموعة من المقتضيات في نظام الملكية المشتركة التي قد تعرف تعديلات من حيث عدد الأصوات، حصص الشركاء والتكاليف المترتبة على عاتق كل واحد منهم ()، فقد قيد هذا الحق بضرورة توفر الشرطين التاليين:
+ الحصول على موافقة أغلبية 4/3 أصوات مجموع الملاك المشتركين.
+ التقيد بأحكام قوانين التعمير (القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، والقانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزءات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات) والتي تجمل في التقيد بالمقتضيات المضمنة في وثائق التعمير واحترام ضوابط البناء ().
ثانيا: التشطيب
التشطيب هو نوع من التقييد السلبي، يكون الغرض منه انقضاء أو إبطال حق مقيد أو أي قيد آخر على الرسم العقاري ().
وهذه العملية هي التي تم التنصيص عليها في الفصل 59 من القانون 18.00، وذلك في حالة تهدم العقار كليا، عن طريق تقديم طلب من الملاك المشتركين إلى المحافظ من أجل التشطيب على الأجزاء المفرزة وتقييد الرسم العقاري الأصلي في اسم الملاك أجمعين، ونقل جميع الحقوق والتحملات العقارية التي كانت مثقلة بها هذه الأجزاء المفرزة إليه.
وعليه، فإن حالة التهدم هاته، يوازيها انقضاء اتحاد الملاك، ومن ثم، فلا مجال لتطبيق مقتضيات القانون رقم 18.00، الأمر الذي يصبح معه الملاك شركاء على الشياع في الأرض ()، وأي تفويت لحصة أي شريك لشخص آخر، تفعل معها مقتضيات الشفعة لا الأفضلية.
المبحث الثاني: أحكام خاصة بشكلية انعقاد التصرفات القانونية الخاضعة لمقتضيات القانون 00.18
لتحقيق الأمن التوثيقي للتصرفات الخاضعة لنطاق القانون رقم 18-00 استلزم المشرع الطابع الشكلي () في تحريرها، من خلال التنصيص على طبيعة المحررات التي يمكن الاعتداد بها
(المطلب الأول)، ثم الأشخاص المؤهلون بتحرريها (المطلب الثاني).
المطلب الأول – طبيعة المحررات المتعلقة بالتصرفات المنصبة على العقار الخاضع للقانون 00.18:
استنادا لمقتضيات المادة 12 من القانون رقم 18.00 () نجدها عددت التصرفات القانونية المتعلقة بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، حيث استلزم المشرع تحريرها في محرر رسمي (الفقرة الأولى)، أو في محرر ثابت التاريخ (الفقرة الثانية) تحت طائلة البطلان.
الفقرة الأولى – المحرر الرسمي:
بالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 418 من ق.ل.ع عرف المشرع الورقة الرسمية بأنها هي التي: " ...يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون" ()، وأضاف الفصل 419 من نفس القانون، في فقرته الأولى أن: "الورقة الرسمية حجة قاطعة، حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور".
ويتفق مضمون الفقرة الأولى من الفصل 418 المشار إليها سلفا مع ما تقرره بعض القوانين المقارنة ومنها المادة 98 من قانون الإثبات اليمني والتي نقلت حرفيا عن المادة العاشرة من قانون الإثبات المصري حيث ورد فيها: " المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه في حدود اختصاصه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه."، كما ينص الفصل 1317 من القانون المدني الفرنسي على أن: "الورقة الرسمية هي التي يتلقاها وفقا للأوضاع الشكلية المطلوبة موظف له حق التوثيق في الجهة التي كتبت فيها الورقة".
وإذا كان الفصل المشار إليه هو السند الأساسي الذي يبين طبيعة الورقة الرسمية، فإن كل الفصول الآتية بعده توضح بجلاء المركز القانوني لهذا العقد الرسمي، وهكذا ينبه الفصل 41 (22) إلى الدلالة القطعية لمضمون الورقة أو العقد الرسمي بالنسبة للغير وفق شكليات إجرائية وموضوعية يبينها الفصل نفسه، أما الفصل 420 فإنه يقر بالحجية للورقة الرسمية بين المتعاقدين.
لكن حتى تكتسب الورقة صفة الرسمية لابد من أن تستجمع جملة من الشروط وهو ما يكسبها حجية قاطعة في الإثبات،
-أن تكون صادرة من موظف عمومي ()،
- أن يكون لهذا الموظف صلاحيـة التوثيق،
-أن تكون الورقة في الشكل الذي يحدده القانون.
هكذا فان الورقة لا تكون رسمية إلا إذا استجمعت الشروط المذكورة، وتخلف أي منها يؤدي إلى بطلان الورقة الرسمية وبالتالي فقدانها لحجيتها في الإثبات، بحيث لا يكون لها إلا قيمة الورقة العرفية ().
الفقرة الثانية – المحرر الثابت التاريخ:
إلى جانب المحرر الرسمي يأخذ المشرع بالمحرر العرفي () (المحرر الثابت التاريخ)، كما تنص على ذلك الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون 18.00، لكن لتجاوز النزاعات التي تثيرها هاته العقود، سواء من حيث عدم دقة صياغتها أو غموض مضمونها، تدخل المشرع و أوكل أمر تحريرها من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود و ذلك تحت طائلة البطلان ()، وقد صدر المرسوم التطبيقي لنص المادة 12 المذكورة ()، حيث جاء في مادته الأولى بأنه " تطبيقا لأحكام المادة 12 من القانون رقم 18.00المشار إليه أعلاه، يؤهل لتحرير جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها الموثقون، والعدول والمحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى.
تحدد بقرار مشترك لوزير العدل ووزير الفلاحة والتنمية القروية والوزير المنتدب لدى الوزير المكلف بالإسكان والتعمير لائحة المهن القانونية والمنظمة الأخرى، المقبولة لتحرير العقود المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه، وكذا شروط تقييد أعضائها في اللائحة الاسمية المحددة سنويا".
فالمشرع وضع شروطا شكلية إضافية جديدة خاصة بالمحرر ثابت التاريخ المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، وعليه فإن هذا المحرر يتعين أن يستوفي للشروط العامة للعقد من إرادة وأهلية ومحل
وسبب، ثم للشروط الشكلية العامة المتطلبة في قانون الالتزامات والعقود، وأخيرا للشروط الشكلية الواردة في الفقرتين الأخيرتين () من المادة 12 من قانون الملكية المشتركة ().
لكن رغم ذلك اعتبر بعض من الفقه () أن المادة 12 من قانون الملكية المشتركة، جاءت صياغتها معيبة وطرحت بذلك عدة مشاكل وخلقت نزاعات عند تطبيقها لم تخلص منها لحد الآن، مما يستلزم تعديلها من أجل توضيح مقتضياتها.
المطلب الثاني: الأشخاص المؤهلين لتحرير هذه التصرفات
في ظل ظهير 1946 الملغى، كان الاضطراب يعتري أغلب المعاملات خصوصا تلك المتعلقة بالبيــــــع أو بترتيب حقوق عينية أخرى، الواردة على طبقات أو شقق أو محلات في عقارات مشتركة الملكية، بحيث كان العقد يبرم عادة من قبل الكتاب العموميين الذين يتميزون في الغالب بتدني مستواهم الثقافي و عدم إلمامهم بقواعد اللغتين العربية و الفرنسية، و جهلهم بالمعلومات القانونية خصوصا تلك المتعلقة بالملكية المشتركة، لذلك فمن الشائع أن يرتكبوا أخطاء فادحة في القيام بمهامهم، سيما فيما يتعلق بضبط محل التعاقد، كالتقصير في تعيين الشقة و توابعها و ملحقاتها، و كذا الإعراض عن تعيين الأجزاء الخاصة و الأجزاء المشتركة، و عدم الإشارة إلى أهم بنود نظام الملكية المشتركة، فضلا عن انعدام الدقة في تحديد الثمن أو المقابل.. وقد ترتبط هذه الأخطاء بأطراف العقد الذين لا يتم التعريف بهويتهم بصورة دقيقة، أو إمضاء بعض العقود من قبل القاصرين دون طلب موافقة نائبهم الشرعي أو القانوني بعد الحصول على إذن قاضي شؤون القاصرين عند الاقتضاء، وهذا ما يلحق الضرر بمصالح المتعاقدين، و يثقل كاهل القضاء للفصل في نزعات مستعصية – في الغالب - يثيرها سوء تحرير هذه العقود ().
و تأسيسا على ما سبق، فإن المشرع المغربي و وعيا منه بأهمية التصرفات القانونية الواردة على الملكية المشتركة، و رغبة منه في تخطي المشاكل التي كانت تتخبط فيها الملكية المشتركة في ظل ظهير 1946، عمل على تحديد و حصر الجهات الموكول لها قانونا تحرير التصرفات القانونية المتعلقة بهذه الأخيرة – الملكية المشتركة - في صورتين إثنين طبقا لمقتضيات الفصل 12 من القانون رقم 18.00.
الصورة الأولى: أن تكون التصرفات القانونية المتعلقة بالملكية المشتركة صادرة في محرر رسمي، وهذا المحرر موكول تحريره لهيئة العدول-Adouls- وهم خاضعين للقانون رقم 16.03() المتعلق بخطة العدالة، و يخاطب قاضي التوثيق على محرراتهم كما هو معلوم.
إلى جانب هيئة العدول، أوكل المشرع المغربي مهمة تحرير العقود الرسمية بخصوص التصرفات القانونية المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو تعديلها أو إسقاطها، للموثقين العصريين طبقا لأحكام القانون رقم 32.09 المنظم لمهنة التوثيق ()، وما يلاحظ أن هذه الفئة – الموثقون- هي الأكثر تأهيلا لتوثيق مثل هذه التصرفات القانونية المتصفة بالتعقيد، حيث يساعدهم في ذلك طبيعة التكوين المحصل عليه و مدته، كما برهنت التجربة و الممارسة العملية عن قلة المشاكل المطروحة بالنسبة لفئة العقود التي يحررها الموثقون العصريون ().
الصورة الثانية: وهي أن تصدر التصرفات القانونية المتعلقة بالملكية المشتركة في شكل عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى هيئة قانونية منظمة يخولها قانونها تحرير العقود وتضم بالأساس:
المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى سابقا – محكمة النقض حاليا - على أن يتم تصحيح إمضاءات ذوي الشأن أمام الجهات المختصة في الجماعات الحضرية أو القروية، فيما يتم تصحيح إمضاء المحامي لدى رئيس كتابة الضبط للمحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها ().
وجدير بالذكر إلى أن إسناد مهمة تحرير العقود المرتبطة بالملكية المشتركة للعقارات المبنية إلى المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض فقط، فيه إقصاء وحيف إزاء جمهور المحامون الشباب.
و من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن المرسوم رقم 2.03.852 الصادر في 07 يونيو 2004 و ذلك تطبيقا للمادة 12 من القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، نص على أنه:" يؤهل لتحرير جميع التصرفات القانونية المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها و نقلها و تعديلها أو إسقاطها الموثقون و العدول و المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى ().
وجدير بالذكر أن المشرع المغربي أناط بوزير العدل مهمة التحديد السنوي للائحة المهنيين المقبولين لتحرير العقود المتعلقة بالتصرفات الواردة على الملكية المشتركة طبقا للقانون رقم 18.00.
ولأجل حماية مصالح طرفي المعاملة فقد نص المشرع على وجوب توقيع العقد والتأشير على جميع صفحاته من قبل الأطراف والقائمين على تحريره.
أيضا من بين المهنيين الذين يتم تضمينهم بهذه اللائحة على سبيل المثال لا حصر وكيل الأعمال، وهي مهنة منظمة بمقتضى ظهير 12 يناير 1945، حيث تنص المادة الأولى في فقرتها الثالثة: " الأشخاص الذين يقومون اعتياديا، من غير المحامين، بتحرير العقود والقيام بإجراءات تحفيظ الأملاك العقارية"، هذا القانون يتم نسخه بقانون هو الأن في إطار مشروع قانون تحت عدد 55.10 ويتكون هذا المشروع من 112 مادة موزعة على 09 أبواب، و يعطي هذا المشروع لوكيل الأعمال مهمة تحرير العقود الثابتة التاريخ ()
لقد عمد المشرع المغربي في القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية على توسيع نطاق تطبيق هذا الأخير، ليشمل علاوة على العقارات المحفظة وفي طور التحفيظ، العقارات غير المحفظة ().
وإذا كان الغرض الأساسي من إضافة هذه الأخيرة إلى نطاق تطبيق هذا القانون هو التخفيف من حدة أزمة السكن التي اجتاحت مختلف ربوع المملكة ()، فإن تدخله بسن أحكام خاصة تنظم العقارات المحفظة بمقتضى الباب الخامس في هذا القانون، لا يعدو أن يكون إلا رغبة منه في تبليغ الوعي بمدى الأهمية التي تكتسيها هذه العقارات داخل الركب التنموي من خلال ما تخلقه من أمن قانوني عامة، وأمن عقاري خاصة ()، يتجلى في حماية ممتلكات الأفراد وضمان الاستقرار اللازم لمعاملاتهم ().
وفي سياق ذي صلة، ومن أجل تعزيز هذه الغايات، لم يغفل المشرع المغربي عن فرض جملة من الآليات لتوثيق التصرفات التي تعتبر هذه العقارات، بنوعيها، المحفظة وفي طور التحفيظ، وغير المحفظة محلا لها.
وإذا كان القانون المغربي للملكية المشتركة للعقارات المبنية قد استقى جل أحكامه من القانون الفرنسي، فإن هذه المقتضيات السالفة الذكر جعلها أحكاما خاصة بالقانون رقم 18.00 ومستقلة عن القانون الفرنسي الذي لم يتناولها بالتنظيم وإن كان هذا يدل على شيء، فما يدل إلا عن اختلاف في الترسانة التشريعية المنظمة للإشهار العقاري ().
وتأسيسا على ما تقدم، قد يتبادر إلى الأذهان القليل من الفضول العلمي إن لم نقل الكثير، من أجل معرفة ما هي خصوصيات هذه الأحكام الخاصة بالملكية المشتركة في القانون المغربي؟ لا من حيث تلك المنظمة للعقارات المحفظة (المبحث الأول) ولا من حيث التصرفات الواردة على العقارات الخاضعة لمقتضيات هذا القانون (المبحث الثاني).
المبحث الأول : الأحكام الخاصة بالعقارات المحفظة في إطار قانون الملكية المشتركة
لقد وضع المشرع تنظيما خاصا بالعقارات المحفظة، حيث خصص لها الباب الخامس من قانون 18.00، وتتضمن هذه الأحكام مقتضيات تهم تأسيس الرسم العقاري الأصلي إلى جانب الرسوم العٌقارية الفرعية الخاصة بالأجزاء المفرزة (المطلب الأول ) كما تتطرق للتصرفات والعمليات الواردة على العقار بعد تأسيس الرسوم العقارية (المطلب الثاني)
المطلب الأول : الإجراءات المتبعة لتأسيس الرسوم العقارية
إن الأحكام الخاصة بالعقارات المحفظة التي نص عليها قانون 18:00 خاصة في الفصلين 49 و 50 لم يحدد التفاصيل المتعلقة بالوثائق الازم إيداعها والإجراءات المتبعة لتأسيس الرسوم العقارية ، ووعيا بهذا النقص أصدرت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية الدورية رقم 380 بتاريخ 28 اكتوبر 2003 ، واستنادا لهذه الدورية وقانون 18.00 سنتطرق لتحديد العمليات التقنية المساهمة في افراز الرسوم العقارية (فقرة أولى ) لنتطرق لتحديد العمليات الإدارية التي تختص بإنجازها بعض الجهات المختصة (فقرة ثانية )
الفقرة الأولى : العملية التقنية لتأسيس الرسوم العقارية
لتأسيس الرسوم العقارية الفرعية يتعين مبدئيا القيام بعملية تقنية يتولها المهندس الطبوغرافي (أولا) ليتم عقب ذلك مراقبة هذه العملية من قبل مصلحة المسح الطبوغرافي (ثانيا).
أولا: دور المهندس الطبوغرافي في عملية إفراز الرسوم العقارية
يشكل إعداد الملف التقني من قبل المهندس الطبوغرافي مرحلة مهمة في عملية إفراز الرسوم العقارية ، فعلى أساسه يتم تحديد الأجزاء المفرزة والأجزاء المشتركة ، ويتضمن هذا الملف نظام الملكية المشتركة و مختلف التصاميم المتعلقة بالبناء .
وبالرجوع إلى مقتضيات قانون 18.00 نجده لم يوضح بتفصيل الوثائق المكونة للملف التقني للملكية المشتركة وذلك بعد الإحالة على نص تنظيمي طبقا للفصل 50 من نفس القانون ، إلا أن الممارسة
العملية اليوم تستند الى دورية 380، لتحديد الوثائق التي يتعين ان ترفق بالملف التقني ويمكن ادراج بعضها في :
- محضر الاحدات
- رخصة البناء والتصاميم المعمارية " بدون تغيير " وعند الاقتضاء دفتر التحملات ، ويجب ان تكون هذه الوثائق حاملة لخاتم الجهة التي منحتها للباني و القسم التقني التابع لها
-نسختان من محضر التقسيم موقع من لدن المهندس والمالك او المالكين عند تعددهم
- نسختان من نظام الملكية المشتركة مصادق عليها من لدن المالك
- جدول المساحات حرف (ب) المحدد لمحتويات الملكية المشتركة-التصاميم الطبوغرافية للملكية لكل المستويات : القبو ( ان وجد) الطابق الارضي وباقي الطبقات و السطح،
وللإشارة في حالة المجتمعات العقارية يعطى لكل عمارة او عقار حرف او اسم ويخضع كل من عقار او عمارة لنفس الشروط اعلاه مع توفر نظام وحيد للملكية المشتركة .
وبعد تضمين الملف التقني لكل الوثائق الضرورية يتم ايداعه من طرف المالك او نائبه او المهندس الطبوغرافي مقابل وصل قصد اخضاعه لرقابة دقيقة لتقرير مدى صحتها .
ثانيا : دور مصلحة المسح العقاري في عملية افراز الرسوم العقارية
بعد ايداع الملف للملكية المشتركة تستهل مصلحة المسح العقاري مهمتها بالتأكد من وجود الرسم العقاري ومن كون التصميم قد احيل على مصالح المحافظة على الاملاك العقارية والا فان هذه المصلحة تقوم في نفس الوقت بعمليات وضع تصميم للوعاء العقاري وللملكية المشتركة وبعد ذلك تقوم نفس المصلحة بإخضاعه لمراقة ميدانية دقيقة تتمثل فيما يلي :
- مقارنة التصاميم الطبوغرافية الخاصة بكل طابق مع التصميم المعماري "بدون تغيير" ورخصة البناء بهدف التحقق من مدى وجود تطابق بينهما ، وخاصة فيما يتعلق بعدد الاجزاء الفرزة ومساحتها ،ابعادها و التحملات العقارية ان وجدت ، علو البناء المرخص به ، الغرض المخصص له كل جزء وايضا مدى احترام القياسات الخاصة بالأجزاء المفرزة وغيرها.
- مراقبة مدى احترام التصاميم الطبوغرافية للملكية المشتركة للمعايير المعتمدة في اعداد التصاميم من حيث خصائصها ،مقاييسها ، والبيانات التي ينبغي ان يتضمنها ومدى احترامها للقواعد الامرة في قانرن 18.00
- تحديد الاجزاء المفرزة وتوابعها من اجزاء مشتركة وقياس حصتها ومطابقتها لما هو وارد في التصاميم الطبوغرافية
- قياس مساحة الارض وحدودها ومدى تجاوز البناء لهذه الحدود ام لا وذلك عبر مراقبة التصاميم ...،
وتجدر الاشارة ان هذه الاجراءات تم التنصيص عليها في مذكرة 3149 بتاريخ 7 يونيو2006 من المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري لتذكيرهم بضرورة الالتزام بها .
ويمكن تلخيص مراقبة وفحص الملكية المشتركة طبقا للدورية 380 في انه يجب اجراء قياسات وتحديد جميع اجزاء العقار المشترك ومطابقة التصاميم الطبوغرافية لحالة البناء بعين المكان .
وعقب ذلك يتم اجراء معاينة للتأكد من وجود البيانات ومدى مطابقتها للوثائق المكونة للملف التقني، وتتضمن هذه المعاينة محضر خاص بالإحداث وحالة الملك ، ثم محضر التقسيم الذي يشمل وصف دقيق لمحتويات كل طابق وتحديد الاجزاء المشتركة و الاجزاء المفرزة التي تكونه.
وفي نهاية مختلف هذه الاجراءات يتم تقديم الملف الكامل لرئيس الهندسة بمصلحة المسح العقاري قصد التأشير علية بعد التحقق من مدى مطابقة كل الوثائق المكونة للملف والتأكد من صحتها ،وبذلك يتم امضائه على محرر عبارة عن توصيل يقدم للمعني بالأمر اضافة الى وثائق اجرى تتضمن :
- نظام الملكية العينية المشتركة-والمحضر الوضعي للتقسيم
- نسختان من التصاميم الطبوغرافية لكل جزء مفرزو لكل طبقة بما في ذلك السطح
فقرة ثانية : العملية الادارية لتأسيس الرسوم العقارية
لقد ارتأينا التطرق في هذه الفقرة الى تحديد دور كل من رئيس مصلحة التجزئة في افراز الرسوم العقارية في نقطة اولى (اولا) ثم دور المحافظ العقاري في نقطة ثانية (ثانيا)
اولا: دور رئيس مصلحة التجزئة في عملية افراز الرسوم العقارية
بعد احالة الملف المتضمن لمجمل الوثائق والرخص والتصاميم يتم تعبئة المسودة الخاصة بتقييد نظام الملكية المشتركة ،حيث يتم تحديد الاجزاء المفرزة ورقم كل واحد منها والمعروف به في التصاميم ثم اسمائها والطابق الذي توجد به ،وابان ذلك يتم تحديد الاجزاء المشتركة والرقم المخصص لها مع تحديد نسبها الشائعة المتربطة بكل جزء مفرز .
وعقب ذلك يتم تحديد المسودة الخاصة بتقييد الرسم العقاري الاصلي في اسم اتحاد الملاك بعد ان اصبح يتضمن فقط الاجزاء المشتركة ، ثم يتم تعبئة المسودة الخاصة بالرسوم العقارية الفرعية والتي يتضمن كل واحد منها رقم الرسم العقاري الاصلي و اسم الملك مع رقم كنأش الايداع وتاريخ هذا الايداع وعدده، ثم ينم وصف الملك وذلك بتسجيل رقم كل جزء مفرز ومساحته وعله وكذا الاجزاء المشتركة المرتبطة به تو اسم العمارة التي ينتمي اليها والبنود الاساسية لنظام الملكية المشتركة المرتبة به ، اضافة الى ذلك تسجيل محضر مراقبة التصاميم الهندسية وبعد ذلك يتم تأسيس الرسو العقاري المفرز لكل جزء مفرز ثم تسليم كل رسم لصاحبه،
وبعد كل هذه الخطوات والاجراءات يتم ارسال ورقة، لإعلام المصلحة الطبوغرافية لتأسيس رسم عقارية فرعية مماثلة بمصلحة الهندسة .
ثانيا : دور المحافظ العقاري في عملية افراز الرسوم العقارية
يمكن ابراز الدور الذي يقوم به المحافظ على الاملاك العقارية في اطار قانون 18.00 من خلال الرقابة التي يخضع لها تقييد نظام الملكية المشتركة في المحافظة بهدف تأسيس رسوم عقارية ليتأكد من صحة العمليات المنجزة شكلا و موضوعا ن حيث يضع على المطلب عبارة " صالح للأداء " ليتم اداء الواجبات في صندوق المحافظة العقارية وبعد ذلك يتم تسجيل المطلب بسجل الايداع .
وبعد ذلك يباشر مراقبوا المحافظة العقارية عملية افراز الرسوم العقارية اشرافه عليها وابان ذلك يتم تأسيس الرسوم العقارية الفرعية لأداء وظيفتها بمعزل عن الرسم العقاري الاصلي ،حيث تخول للمالك سائر سلطات حق الملكية ،شريطة احترام مقتضيات قانون نظام الملكية المشتركة ،
ويترتب عن عملية افراز الرسوم العقارية اثار مهمة بما فيها تقييد الحقوق العينية والعمليات العقارية على الرسم العقاري .
المطلب الثاني: التصرفات والعمليات الواردة على العقار بعد تأسيس الرسوم العقارية
إن الإجراء الرامي إلى تأسيس الرسوم العقارية الخاصة بكل جزء مفرز من العقار جراء عملية تقسيمه إلى شقق أو طبقات أو محلات لا توقف إبرام التصرفات بالنسبة للأجزاء المفرزة (الفقرة الأولى) ولا حتى الشروع في القيام بأي عملية ممكنة عليها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التصرفات الواردة على الأجزاء المفرزة بعد تأسيس الرسوم العقارية الخاصة بها
أولا: حجية الرسوم العقارية الخاصة بالأجزاء المفرزة
يعتبر من المسلم به أن ترتب الرسوم العقارية الفرعية الآثار التي ترتبها الرسوم العقارية الأم () عند صدور قرار المحافظ بإنشائها، فهي وإن كانت خاصة بالأجزاء المفرزة، ففي آخر المطاف تظل متفرعة عن الرسم العقاري الأصلي، الأمر الذي يستتبعه الجزم بأن كل مقتضى ينظم الرسوم العقارية الأصلية، ينظم الرسوم العقارية المتفرعة عنها، وهذا ما يتوافق شدة التوافق مع القاعدة التي تقضي بأن "الفرع يتبع الأصل" ()، وعليه، من شأن هذه المقتضيات أن تسوقنا إلى تسطير النتائج التالية:
1- أن الرسوم العقارية الفرعية لها من القوة ما يطهر الجزء المفرز من جملة النزاعات الممكن افتعالها بعد إنشاء الرسم العقاري الخاص بهذا الجزء المفرز، والتي يرام منها دحض سبب تملكه وتملك الحقوق المثقل بها، كما ويعتبر الرسم العقاري الخاص بهذا الأخير نقطة الانطلاق الوحيدة لجميع الحقوق العينية التي قد تنشأ أو تنقل بعد إصداره.
2- تثبيت الرسم العقاري للجزء المفرز من الناحية المادية والقانونية ()، بصيغة أخرى، أن ما يثبت للعقار
من قوة ثبوتية جراء التحفيظ، يثبت للجزء المفرز المنشأ لأجله رسم عقاري خاص به.
ثانيا: تقييد الحقوق والتحملات العقارية على الرسم العقاري الخاص بكل جزء مفرز
إن المقتضى الذي جاء به الفصل 52 من القانون رقم 18.00، والذي يقضي بتقييد الحقوق والتحملات العقارية المتعلقة بكل جزء مفرز في الرسم العقاري الخاص به لهو خير حجة على أنه لا مناص من اعتبار أن الرسم العقاري الأخير يوازي الرسم الأصلي من حيث المقتضيات المطبقة عليه بشأن التقييدات ().
ومما يستدعي التدقيق بشأنه في هذا المقام، هو الفقرة الثانية من الفصل 49 من هذا القانون التي تقضي بتأسيس رسم عقاري خاص في اسم مالك حق الانتفاع عند الاقتضاء.
والتأني في قراءة هذه الفقرة، يمكن استنتاج أن هذا المقتضى الذي جاءت به المادة هو مخالف للقواعد العامة المسطرة بموجب قانون التحفيظ العقاري رقم 14.07 التي تخول للمالك وحده دون غيره الحصول على نظير الرسم العقاري، وفي حالة تعدد الشركاء، يحصل عليه الشريك الذي فوض من قبل الشركاء، أما هؤلاء علاوة على أصحاب الحقوق العينية، أصلية كانت أم تبعية، فلا أحقية لهم سوى في الحصول على شهادة عقارية خاصة تثبت ملكيتهم، مما يدفع إلى طرح التساؤلات التالية:
+ لماذا حق الانتفاع على وجه التحديد هو الذي يخول إنشاء رسم عقاري في اسم مالكه؟
+ ومتى تتحقق حالة الاقتضاء المشار إليها في هذه الفقرة والتي تمكن من اتخاذ هذا الإجراء؟
+ وما الغاية التي توخاها المشرع المغربي من سن هذه القاعدة القانونية؟
طبقا لما هو مقرر تشريعا () وقضاء () وفقها ()، فإن مالك الحق أو التحمل العقاري لا يحق له الحصول
سوى على شهادة عقارية خاصة تثبت حقه.
وبناء على مقتضيات الفصول 3 و20 و21 و22 من القانون رقم 18.00، فإن لكل مالك مشترك حق الانتفاع بالأجزاء المشتركة للعقار.
وتأسيسا على ما تقدم، وحيث أنه قد يتقلب الأمر بين حق الانتفاع القانوني المتعلق بالأجزاء المشتركة المخول لكل مالك بمقتضى القانون رقم 18.00 وبين حق الانتفاع الذي قد يترتب على الجزء المفرز للبناء المشترك، فإن من موجبات الإدارة الرشيدة للبناء المشترك، أن تتم التفرقة بين الحقين.
لهذه الأسباب، قضى المشرع بإنشاء رسم عقاري خاص في اسم مالك حق الانتفاع الوارد على الجزء المفرز.
وعليه، فإن الحالة التي يتحقق بموجبها الاقتضاء الرامي إلى اتخاذ هذا الإجراء، هي تلك التي يرتب بمقتضاها
مالك الجزء المفرز حق انتفاع على ملكه.
ومما لا ينبغي تفويت مناقشته في هذا المقام، ما دمنا في خضم الحديث عن التقييدات، فمما يمكن تقييده كذلك في الرسم العقاري، هو نظام الملكية المشتركة.
وطبقا للفصل 51 من القانون 18.00، من البيانات التي يتعين إدراجها في نظام الملكية المشتركة هي إعراب الملك عن نيته في التقيد بنظام الملكية المشتركة وتقييد بالسجل العقاري.
وقياسا بمفهوم المخالفة، ماذا لو رفض المالك الإعراب عن نيته في التقيد بهذا النظام وتقييده بالسجل العقاري؟
هل من شأن ذلك أن يعرض نظام الملكية المشتركة لعدم قبول تقييده بالسجل العقاري؟
إذا ما تم الرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل 8 من هذا القانون، فإن المالك الأصلي أو الشركاء باتفاق بينهم، ملزمين بوضع نظام الملكية المشتركة، وقياسا، فإن المالك، سواء كان هو من وضع النظام أو الملاك المشتركين، ملزم بالتقيد بنظام الملكية، فالعلة من التقيد بأحكام النظام هي التدبير الحسن للعقار بغية الحفاظ عليه، ولا يسوغ الاعتقاد بإلزامية النظام بالنسبة للملاك المشتركين فقط دون المالك الأصلي، مما يمكن معه القول بأن العلة هي متساوية بين هذا الأخير والملاك المشتركين، زد على ذلك، أن الفقرة عينها تلزم التقيد بأحكام القانون رقم 18.00، وعليه، فإن المالك هو ملزم بالتقيد بنظام الملكية المشتركة سواء هو من وضعه أو الملاك المشتركين، وسواء أعرب عن نيته بذلك أم لا.
أما في ما يخص التقيد بتقييد النظام بالسجل العقاري، فلا يمكن التناسي بإلزامية كل من الفصل 11 و50 من هذا القانون اللذين يحتمان إشهار نظام الملكية بتقييده بالسجل العقاري.
وخلاصة القول استنادا إلى ما تقدم بيانه، ومن وجهة نظر شخصية متواضعة جدا، ينبغي على المشرع المغربي أن يبادر في أقرب فرصة تتاح له من أجل تعديل الفصل 51 من هذا القانون، وعلى وجه التخصيص، البيان الأول، عن طريق حذفه من التضمين في نظام الملكية المشتركة لتعارضه مع نصوص إلزامية، تعتبر من المسلمات التي قضى بها هذا القانون.
الفقرة الثانية: العمليات الواردة على العقار بعد إنشاء الرسوم العقارية
وتجمل في ثلاث عمليات: الضم والتقسيم (أولا)، ثم عملية التقسيم (ثانيا).
أولا: الضم والتقسيم:
إن عملية ضم الأجزاء المفرزة في رسم عقاري واحد، هي منظمة بمقتضى الفصل 54 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14.07، الفصلين 20 و21 من القرار الوزيري بتاريخ 3 يونيو 1915 المتضمن للتفاصيل المتعلقة بتطبيق نظام التحفيظ العقاري، وأخيرا وليس آخرا، الفصل 57 من القانون رقم 18.00.
وبالرجوع إلى مقتضيات هذه الفصول، فإنه يستوي أن يشتمل الضم بعض الأجزاء المفرزة أو كلها، فلا يتم ذلك إلا بشروط ():
+ أن تكون الأجزاء المراد ضمها متقاربة بحيث تشكل مجموعة واحدة.
+ أن تكون مملوكة لشخص واحد، أو عدة أشخاص على الشياع.
+ أن يتقدم صاحب الشن بطلب مكتوب إلى المحافظ على الأملاك العقارية يبين فيه رغبته في ضمها.
ومما يستوجب إثارة الانتباه إليه في هذا الصدد، هو أنه ولئن كان من المخول قانونا لمالك هذه الأجزاء المفرزة أن يضمها في رسم عقاري واحد، فإن المادة الرابعة من القانون رقم 18.00 ذات الصبغة الآمرة، تجعل من الجدران والحواجز الفاصلة بين شقتين أو محلين، أجزاء مشتركة، مما يخلق إشكالا قانونيا
من حيث التطبيق حسب رأي بعض الفقه ().
لكن من وجهة نظر شخصية وجد متواضعة، فإن الغرض الأساسي من جعل المادة 4 مادة إلزامية هي تقييد حق ملكية المالك المشترك في جزئه المفرز، وخاصة في الحالة التي قد يمارس بعض التصرفات المادية على الحائط المشترك الرابط بين شقته مثلا والشقة جاره، حيلولة دون الإضرار به، لكم وحيث أن الشقتين قد انتقلتا إلى الذمة المالية للمالك، الأمر الذي لن يؤدي إلى إحداث أي ضرر لأن هتين الأخيرتين قد أصبحتا في ملكيته شريطة احترام بطبيعة الحال ضوابط البناء، وعدم التسبب في ضرر للعقار.
هذا في ما يهم تملك بعض من الأجزاء المفرزة، أما في الحالة التي يتملك فيها الشخص جميع الأجزاء المفرزة، فطبقا للفقرة الثانية من الفصل 57 من هذا القانون، ينقضي اتحاد الملاك، ولكن في المقابل سكت المشرع عن إمكانية تطبيق مقتضيات القانون وخاصة نظام الملكية المشتركة من عدم ذلك، الأمر الذي يحيلنا إلى طرح التساؤل التالي: " هل يجوز تشبيه هذه الحالة التي يتملك بموجبها المالك جميع الأجزاء المفرزة وينقضي تبعا لذلك اتحاد الملاك بالحالة التي يجتمع فيها جميع رأسمال الشركة بيد شريك واحد، فتتحول الشركة بإرادة منه إلى الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد وتبقى متمتعة بشخصيتها المعنوية واستقلالها المالي، أم لا؟ ".
يمكن القول في هذه الحالة بأنه يدق التمييز، بين ما إذا أراد المالك بيع الأجزاء المفرزة إلى أشخاص مختلفين مع إمكانية إدخال التعديلات التي تهم الغرض المخصص العقار، إما من أجل السكن أو الاستعمال المهني أو التجاري أو أن يمون غرضا مختلطا، وفي هذه الحالة يمكن الإبقاء على نظام الملكية المشتركة ومن ثم تطبيق مقتضيات القانون رقم 18.00، أما إذا أراد المالك تخصيص العقار بجميع أجزائه لاستعمال شخصي بحيث يصبح مالكا لجميع الأجزاء دون إمكانية تفويت أحدها، فلا مناص من خروج هذا العقار من نطاق تطبيق القانون رقم 18.00.
هذا فيما يخص عملية الضم، أما إذا ما عرجنا على عملية التقسيم، وهي تلك المنظمة بمقتضى الفصل 58
من القانون رقم 18.00، والتي تفتح المجال للمالك بتقسيم جزئه المفرز، تقسيما يزيد من عدد الأجزاء المفرزة المكونة للعقار.
غير أنه وعي المشرع المغربي بدرجة انعكاس هذا التقسيم على مجموعة من المقتضيات في نظام الملكية المشتركة التي قد تعرف تعديلات من حيث عدد الأصوات، حصص الشركاء والتكاليف المترتبة على عاتق كل واحد منهم ()، فقد قيد هذا الحق بضرورة توفر الشرطين التاليين:
+ الحصول على موافقة أغلبية 4/3 أصوات مجموع الملاك المشتركين.
+ التقيد بأحكام قوانين التعمير (القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، والقانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزءات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات) والتي تجمل في التقيد بالمقتضيات المضمنة في وثائق التعمير واحترام ضوابط البناء ().
ثانيا: التشطيب
التشطيب هو نوع من التقييد السلبي، يكون الغرض منه انقضاء أو إبطال حق مقيد أو أي قيد آخر على الرسم العقاري ().
وهذه العملية هي التي تم التنصيص عليها في الفصل 59 من القانون 18.00، وذلك في حالة تهدم العقار كليا، عن طريق تقديم طلب من الملاك المشتركين إلى المحافظ من أجل التشطيب على الأجزاء المفرزة وتقييد الرسم العقاري الأصلي في اسم الملاك أجمعين، ونقل جميع الحقوق والتحملات العقارية التي كانت مثقلة بها هذه الأجزاء المفرزة إليه.
وعليه، فإن حالة التهدم هاته، يوازيها انقضاء اتحاد الملاك، ومن ثم، فلا مجال لتطبيق مقتضيات القانون رقم 18.00، الأمر الذي يصبح معه الملاك شركاء على الشياع في الأرض ()، وأي تفويت لحصة أي شريك لشخص آخر، تفعل معها مقتضيات الشفعة لا الأفضلية.
المبحث الثاني: أحكام خاصة بشكلية انعقاد التصرفات القانونية الخاضعة لمقتضيات القانون 00.18
لتحقيق الأمن التوثيقي للتصرفات الخاضعة لنطاق القانون رقم 18-00 استلزم المشرع الطابع الشكلي () في تحريرها، من خلال التنصيص على طبيعة المحررات التي يمكن الاعتداد بها
(المطلب الأول)، ثم الأشخاص المؤهلون بتحرريها (المطلب الثاني).
المطلب الأول – طبيعة المحررات المتعلقة بالتصرفات المنصبة على العقار الخاضع للقانون 00.18:
استنادا لمقتضيات المادة 12 من القانون رقم 18.00 () نجدها عددت التصرفات القانونية المتعلقة بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، حيث استلزم المشرع تحريرها في محرر رسمي (الفقرة الأولى)، أو في محرر ثابت التاريخ (الفقرة الثانية) تحت طائلة البطلان.
الفقرة الأولى – المحرر الرسمي:
بالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 418 من ق.ل.ع عرف المشرع الورقة الرسمية بأنها هي التي: " ...يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون" ()، وأضاف الفصل 419 من نفس القانون، في فقرته الأولى أن: "الورقة الرسمية حجة قاطعة، حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور".
ويتفق مضمون الفقرة الأولى من الفصل 418 المشار إليها سلفا مع ما تقرره بعض القوانين المقارنة ومنها المادة 98 من قانون الإثبات اليمني والتي نقلت حرفيا عن المادة العاشرة من قانون الإثبات المصري حيث ورد فيها: " المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه في حدود اختصاصه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه."، كما ينص الفصل 1317 من القانون المدني الفرنسي على أن: "الورقة الرسمية هي التي يتلقاها وفقا للأوضاع الشكلية المطلوبة موظف له حق التوثيق في الجهة التي كتبت فيها الورقة".
وإذا كان الفصل المشار إليه هو السند الأساسي الذي يبين طبيعة الورقة الرسمية، فإن كل الفصول الآتية بعده توضح بجلاء المركز القانوني لهذا العقد الرسمي، وهكذا ينبه الفصل 41 (22) إلى الدلالة القطعية لمضمون الورقة أو العقد الرسمي بالنسبة للغير وفق شكليات إجرائية وموضوعية يبينها الفصل نفسه، أما الفصل 420 فإنه يقر بالحجية للورقة الرسمية بين المتعاقدين.
لكن حتى تكتسب الورقة صفة الرسمية لابد من أن تستجمع جملة من الشروط وهو ما يكسبها حجية قاطعة في الإثبات،
-أن تكون صادرة من موظف عمومي ()،
- أن يكون لهذا الموظف صلاحيـة التوثيق،
-أن تكون الورقة في الشكل الذي يحدده القانون.
هكذا فان الورقة لا تكون رسمية إلا إذا استجمعت الشروط المذكورة، وتخلف أي منها يؤدي إلى بطلان الورقة الرسمية وبالتالي فقدانها لحجيتها في الإثبات، بحيث لا يكون لها إلا قيمة الورقة العرفية ().
الفقرة الثانية – المحرر الثابت التاريخ:
إلى جانب المحرر الرسمي يأخذ المشرع بالمحرر العرفي () (المحرر الثابت التاريخ)، كما تنص على ذلك الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون 18.00، لكن لتجاوز النزاعات التي تثيرها هاته العقود، سواء من حيث عدم دقة صياغتها أو غموض مضمونها، تدخل المشرع و أوكل أمر تحريرها من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود و ذلك تحت طائلة البطلان ()، وقد صدر المرسوم التطبيقي لنص المادة 12 المذكورة ()، حيث جاء في مادته الأولى بأنه " تطبيقا لأحكام المادة 12 من القانون رقم 18.00المشار إليه أعلاه، يؤهل لتحرير جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها الموثقون، والعدول والمحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى.
تحدد بقرار مشترك لوزير العدل ووزير الفلاحة والتنمية القروية والوزير المنتدب لدى الوزير المكلف بالإسكان والتعمير لائحة المهن القانونية والمنظمة الأخرى، المقبولة لتحرير العقود المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه، وكذا شروط تقييد أعضائها في اللائحة الاسمية المحددة سنويا".
فالمشرع وضع شروطا شكلية إضافية جديدة خاصة بالمحرر ثابت التاريخ المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، وعليه فإن هذا المحرر يتعين أن يستوفي للشروط العامة للعقد من إرادة وأهلية ومحل
وسبب، ثم للشروط الشكلية العامة المتطلبة في قانون الالتزامات والعقود، وأخيرا للشروط الشكلية الواردة في الفقرتين الأخيرتين () من المادة 12 من قانون الملكية المشتركة ().
لكن رغم ذلك اعتبر بعض من الفقه () أن المادة 12 من قانون الملكية المشتركة، جاءت صياغتها معيبة وطرحت بذلك عدة مشاكل وخلقت نزاعات عند تطبيقها لم تخلص منها لحد الآن، مما يستلزم تعديلها من أجل توضيح مقتضياتها.
المطلب الثاني: الأشخاص المؤهلين لتحرير هذه التصرفات
في ظل ظهير 1946 الملغى، كان الاضطراب يعتري أغلب المعاملات خصوصا تلك المتعلقة بالبيــــــع أو بترتيب حقوق عينية أخرى، الواردة على طبقات أو شقق أو محلات في عقارات مشتركة الملكية، بحيث كان العقد يبرم عادة من قبل الكتاب العموميين الذين يتميزون في الغالب بتدني مستواهم الثقافي و عدم إلمامهم بقواعد اللغتين العربية و الفرنسية، و جهلهم بالمعلومات القانونية خصوصا تلك المتعلقة بالملكية المشتركة، لذلك فمن الشائع أن يرتكبوا أخطاء فادحة في القيام بمهامهم، سيما فيما يتعلق بضبط محل التعاقد، كالتقصير في تعيين الشقة و توابعها و ملحقاتها، و كذا الإعراض عن تعيين الأجزاء الخاصة و الأجزاء المشتركة، و عدم الإشارة إلى أهم بنود نظام الملكية المشتركة، فضلا عن انعدام الدقة في تحديد الثمن أو المقابل.. وقد ترتبط هذه الأخطاء بأطراف العقد الذين لا يتم التعريف بهويتهم بصورة دقيقة، أو إمضاء بعض العقود من قبل القاصرين دون طلب موافقة نائبهم الشرعي أو القانوني بعد الحصول على إذن قاضي شؤون القاصرين عند الاقتضاء، وهذا ما يلحق الضرر بمصالح المتعاقدين، و يثقل كاهل القضاء للفصل في نزعات مستعصية – في الغالب - يثيرها سوء تحرير هذه العقود ().
و تأسيسا على ما سبق، فإن المشرع المغربي و وعيا منه بأهمية التصرفات القانونية الواردة على الملكية المشتركة، و رغبة منه في تخطي المشاكل التي كانت تتخبط فيها الملكية المشتركة في ظل ظهير 1946، عمل على تحديد و حصر الجهات الموكول لها قانونا تحرير التصرفات القانونية المتعلقة بهذه الأخيرة – الملكية المشتركة - في صورتين إثنين طبقا لمقتضيات الفصل 12 من القانون رقم 18.00.
الصورة الأولى: أن تكون التصرفات القانونية المتعلقة بالملكية المشتركة صادرة في محرر رسمي، وهذا المحرر موكول تحريره لهيئة العدول-Adouls- وهم خاضعين للقانون رقم 16.03() المتعلق بخطة العدالة، و يخاطب قاضي التوثيق على محرراتهم كما هو معلوم.
إلى جانب هيئة العدول، أوكل المشرع المغربي مهمة تحرير العقود الرسمية بخصوص التصرفات القانونية المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو تعديلها أو إسقاطها، للموثقين العصريين طبقا لأحكام القانون رقم 32.09 المنظم لمهنة التوثيق ()، وما يلاحظ أن هذه الفئة – الموثقون- هي الأكثر تأهيلا لتوثيق مثل هذه التصرفات القانونية المتصفة بالتعقيد، حيث يساعدهم في ذلك طبيعة التكوين المحصل عليه و مدته، كما برهنت التجربة و الممارسة العملية عن قلة المشاكل المطروحة بالنسبة لفئة العقود التي يحررها الموثقون العصريون ().
الصورة الثانية: وهي أن تصدر التصرفات القانونية المتعلقة بالملكية المشتركة في شكل عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى هيئة قانونية منظمة يخولها قانونها تحرير العقود وتضم بالأساس:
المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى سابقا – محكمة النقض حاليا - على أن يتم تصحيح إمضاءات ذوي الشأن أمام الجهات المختصة في الجماعات الحضرية أو القروية، فيما يتم تصحيح إمضاء المحامي لدى رئيس كتابة الضبط للمحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها ().
وجدير بالذكر إلى أن إسناد مهمة تحرير العقود المرتبطة بالملكية المشتركة للعقارات المبنية إلى المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض فقط، فيه إقصاء وحيف إزاء جمهور المحامون الشباب.
و من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن المرسوم رقم 2.03.852 الصادر في 07 يونيو 2004 و ذلك تطبيقا للمادة 12 من القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، نص على أنه:" يؤهل لتحرير جميع التصرفات القانونية المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها و نقلها و تعديلها أو إسقاطها الموثقون و العدول و المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى ().
وجدير بالذكر أن المشرع المغربي أناط بوزير العدل مهمة التحديد السنوي للائحة المهنيين المقبولين لتحرير العقود المتعلقة بالتصرفات الواردة على الملكية المشتركة طبقا للقانون رقم 18.00.
ولأجل حماية مصالح طرفي المعاملة فقد نص المشرع على وجوب توقيع العقد والتأشير على جميع صفحاته من قبل الأطراف والقائمين على تحريره.
أيضا من بين المهنيين الذين يتم تضمينهم بهذه اللائحة على سبيل المثال لا حصر وكيل الأعمال، وهي مهنة منظمة بمقتضى ظهير 12 يناير 1945، حيث تنص المادة الأولى في فقرتها الثالثة: " الأشخاص الذين يقومون اعتياديا، من غير المحامين، بتحرير العقود والقيام بإجراءات تحفيظ الأملاك العقارية"، هذا القانون يتم نسخه بقانون هو الأن في إطار مشروع قانون تحت عدد 55.10 ويتكون هذا المشروع من 112 مادة موزعة على 09 أبواب، و يعطي هذا المشروع لوكيل الأعمال مهمة تحرير العقود الثابتة التاريخ ()
عرض في مادة التعمير.تصميم التهيئة
مقــــــــــدمة:
مسألة التعمير و إعداد التراب ليست مسألة حديثة فقد تبين من مختلف الأبحاث الأثرية أن هناك وجودا لآثار تنظيم التعمير و تهيئة المجال لدى المجتمعات العتيقة و هو أمر يمكن الوقوف على حقيقته من خلال تتبع أمثلة تدل على اهتمام الحضارات القديمة و المعاصرة بقضايا التعمير و تدبير المجال.
إن التعمير الذي يحقق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية يتوقف على ثلاثة عناصر هي تخطيط حضري فعال و سياسة عقارية فاعلة لخدمته و هما معا يرتكزان على اعتمادات مالية دائمة و مجندة من طرف الدولة و الجماعات المحلية بل و أيضا الفاعلون العموميون و الخواص المهتمون بقطاع التهيئة و السكنى.
فإذا كانت الديمقراطية وسيلة لتحقيق التنمية فإن تنمية الدول النامية تتطلب أولا و قبل كل شيء السكن اللائق و توفير المرافق الضرورية للحياة و المحافظة على البيئة, كل هذا لا يمكن أن يتم إلا في إطار سياسة سليمة للتخطيط الحضري و لتهيئة التراب الوطني .
و كما عرف الأستاذ عبد الرحمان البكريوي التخطيط الحضري هو تدخل الإدارة بأدوات منهجية و وثائق مرجعية لتنظيم استعمال المجال و تقنين أو تحديد هذا الاستعمال لكل منطقة من مناطق المدينة و تخصيص وظيفة لكل واحد منها قصد تحقيق تكامل أجزائها و انسجام أطرافها و بالتالي حسن تنظيمها و تعميرها.
إن التخطيط الحضري أصبح اليوم يتم بنوعين متكاملين من وثائق التعمير الأول يعرف بالأداة التوجيهية و التقديرية, أما الثاني فيطلق عليه الوثيقة التنظيمية و يشمل ثلاث وثائق و هي تصميم التنطيق و تصميم التهيئة و تصميم التنمية.
و يعد تصميم التهيئة أول وثيقة تعميرية يعرفها قانون التعمير إذ نظمها أول نص قانوني مغربي يهم التعمير اي ظهير16 أبريل1916 و بفضلها تم أثناء فترة الحماية الأوروبية و بناء بعض المدن الجديدة و تم إنتاج أحياء متناسقة و منظمة و غنية بهندستها المعمارية و في نفس الوقت كانت السبب في افتقار بعض الأحياء إلى بعض التجهيزات الأساسية و بعض المرافق العامة كما كانت السبب في ارتفاع كثافة السكان بالمدن العتيقة. و في ظهور أحياء الصفيح و تكاثرها إلى جانب السكن العشوائي المتزايد.
و بالنظر إلى أهمية هذه الوثيقة التعميرية فقد أولاها المشرع عنايته و أدخل عليها كثيرا من الإصلاحات لمواكبة التطور الذي يعرفه التعمير و تتجاوز الثغرات التي أبانت عنها و ذلك ف ظهير30 يوليوز1952 ثم في ظهير17 يونيو1992.
هذه العناية إنما تجسد في الواقع الاهتمام المتنامي التي تحصى بها وثيقة تصميم التهيئة و دورها في تنمية المجال باعتبارها تشكل العمود الفقري للتخطيط العمراني بالمغرب لما تراكم حولها من تجارب لدى الإدارة على مدى أكثر من سنة بالإضافة إلى تدخل عدد مهم من الإدارات العمومية و المؤسسات و السلطات الإقليمية و المجالس الجماعية في عملية إعدادها و تنفيذها.
و لأجل الإحاطة بمضمون هذه الوثيقة سيكون لزاما علينا الخوض في مجموعة من الإشكالات التي يطرحها موضوع تصميم التهيئة و التي يمكن إجمالها في الأسئلة التالية :
ما هي الجهات المكلفة بإعداد و دراسة و المصادقة على مشروع تصميم التهيئة؟
هل يخضع إعداد التصميم لعمليات تنسيق و تشاور كافيين بين جميع المتدخلين أم أنه يتم في غياب هذا التنسيق و التشاور؟
ما المقصود بالبحث العمومي المجرى في ظل الإعداد لمشروع تصميم التهيئة و ما هي القيمة القانونية لهذا البحث؟
ما هو محتوى وثيقة تصميم التهيئة؟ و ما هي الآثار المترتبة عليها و الغرض منها؟
لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة ارتأينا تقسيم هذا العرض إلى مبحثين نتناول في :
المبحث الأول: مسطرة إعداد تصميم التهيئة و المصادقة عليها
المطلب الأول : إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة
المطلب الثاني : المصادقة على مشروع تصميم التهيئة
المبحث الثاني :الغرض من تصميم التهيئة و الآثار المترتبة عنه
المطلب الأول : الغرض من تصميم التهيئة
المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن تصميم التهيئة العمرانية
المبحث الأول : مسطرة اعداد تصميم التهيئة و المصادقة عليها.
يمكن القول بأن المسطرة الحالية لإعداد تصميم التهيئة, لا تختلف كثيرا عن تلك التي كان ينظمها ظهير 1952 بشأن التعمير , حيث تبرز هيمنة الإدارة المكلفة بالتعمير على عملية إعداد تصميم التهيئة و الدور المتواضع للإدارة الجماعية في مرحلة المصادقة, و للوقوف على مسطرة تصميم التهيئة, ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص المطلب الأول للإعداد دراسة تصميم التهيئة في حين نرصد في المطلب الثاني للمصادقة على تصميم التهيئة.
المطلب الأول: إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة.
بالرجوع إلى المراحل التي تمر منها مسطرة إعداد تصميم التهيئة ,و بحثه و بمقارنتها مع المسطرة التي كان جاريا بها العمل في إطار ظهير1952 يتبين بأن المشرع قد تطلع في ظهير 1992, لبلوغ هدفين أساسيين : التعجيل بمسطرة إعداد التصميم و بدخوله حيز التنفيذ من جهة و دعم التشاور و التنسيق ما بين مختلف الإدارات المركزية و المحلية ,من أجل ملائمة و تكييف محتوى هده الوثيقة مع الواقع المحلي .
و للحديث عن إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة, يتوجب علينا تقسيم هدا المطلب إلى فقرتين, نخصص الفقرة الأولى لإعداد مشروع تصميم التهيئة, في حين نرصد الفقرة الثانية لدراسة مشروع تصميم التهيئة.
الفقرة الأولى: إعداد مشروع تصميم التهيئة.
على غرار الوثائق التعميرية التي سبقت دراستها سابقا, تلعب السلطات العمومية المركزية دورا رئيسيا في إعداد تصميم التهيئة, وذلك رغم تنصيص المشرع على ضرورة "مساهمة" الجماعات المحلية في ذلك. فالمادة الثالثة و العشرون من قانون التعمير تنص صراحة على "وضع مشروع تصميم التهيئة بمبادرة من الإدارة...".كما تنص المادة الموالية لها على أن الإدارة هي التي تتولى دراسة المقترحات التي تتقدم بها مختلف الجهات المعنية بالمشاركة في إعداد المشروع بما فيها الجماعات المحلية, وهي التي توافق في الأخيرعلى مشروع التصميم.
إن عملية الشروع في إعداد مشروع تصميم التهيئة , تبدأ بإنجاز الدراسات الميدانية اللازمة
لمعرفة المنطقة من الناحيتين الاقتصادية و الاجتماعية , ووضعية التجهيزات التحتية و الفوقية , و ما تتوفر عليه من مرافق عامة و يتم في نفس الوقت اتخاد قرار يفتح مسطرة بداية دراسة المشروع من طرف السلطة الجماعية.
إن إعداد مشروع تصميم التهيئة هو من اختصاص الوكالة الحضرية فالمادة 19 من المرسوم التطبيقي لقانون 12.90 تنص على إن "عملية إعداد و تصميم التهيئة تتم بمسعى من الوزارة و بمساهمة الجماعات المعنية و المجموعة الحضرية في حالة وجودها مع مراعاة الصلاحيات المسندة في هذا الميدان إلى الوكالات الحضرية بموجب التشريع الجاري به العمل". وبالرجوع إلى القانون المتعلق بإحداث الوكالات الحضرية, نجده ينص في مادته الثالثة على أن" الوكالات الحضرية تتولى في نطاق اختصاصها تحضير مشاريع التعمير المقرر بنصوص تنظيمية خصوصا خرائط التنطيق و تصاميم التهيئة و النمو".
وبذلك فان الوكالات الحضرية تقوم بصياغة الشروط الخاصة بالصفقة المتعلقة بمشروع الوثيقة و تحدد المبلغ المالي المناسب للمشروع كما تتابع مختلف مراحل الإعداد بدءا بنشر طلب العروض المفتوح و تتلقى طلبات المشاركة في العروض التي تقوم بدراسة جوانبها المنهجية و التقنية و المالية و التي على إثرها تعلن عن مكتب الهندسة المعمارية الفائز بالصفقة, حيث يقوم هذا الأخير بالأبحاث و الدراسات حول النقط التالية : التطور السكاني , حركية الهجرة , تحديد الأنشطة تطور استعمال الأرض .الوضعية العقارية , توزيع الشرائح الاجتماعية حسب الدخل بيان التجهيزات الموجودة فعلا.
و عند انتهاء كل مرحلة من مراحل الدراسات السوسيوقتصادية والمجالية, يكون مكتب الدراسات ملزم بتقديم تقرير إلى الوكالة الحضرية, لتقوم هذه الأخيرة بدراسته في اطارلجنة, تضم بالإضافة إلى الوكالة الحضرية, كل من رئيس المجلس الجماعي المعني و المهندس المعماري المزاول عمله بالجماعة, و قد لا تكتفي الوكالة بما ورد في التقرير مكتب الدراسات بل إن لها أن ترسل فريقا تقنيا إلى عين المكان حتى تتمكن من الوقوف على ملائمة الدراسات مع الواقع.
و تجب الإشارة إلى أن القيام بالدراسات التمهيدية قد يتم من لدن الوكالة الحضرية إذا توفرت لها الإمكانيات و الوسائل التقنية و البشرية و المالية .
و بالموازاة مع ذلك ترسل الوكالات الحضرية رسالة مشفوعة بخريطة إلى المصالح الإدارية و الهيئات المعنية للحصول على المعلومات المتعلقة بالاحتياط العقاري الواجب تخصيصه لكل منها في إطار التصميم , كما يتعين أن يتضمن جواب هذه الهيئات كذلك برنامج الانجازات التي يجب القيام بها خلال الخمس سنوات الموالية.
الفقرة الثانية: دراسة مشروع تصميم التهيئة.
بعد تسلم الوكالة الحضرية لمخطط المشروع من مكتب الدراسات تقوم هاتها الأخيرة بدراسة المشروع بمساهمة من السلطات الإدارية المحلية لمختلف الوزارات و إن اقتضى الحال جميع الهيئات المعنية كالمكتب الوطني للكهرباء, المكتب الوطني للسكك الحديدية... و تنتهي هذه الاستشارة بوضع مخطط إجمالي , لتقوم بعد ذلك الوكالة بتوجيه المشروع إلى المجالس المحلية .لأجل دراسته من الناحيتين القانونية و التقنية و تتم الدراسة عبر اللجنة المحلية للتعمير , هكذا فقد نصت المادة 20من الرسوم التطبيقي لقانون 12.90"تقوم الوزارة المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية بغرض مشروع تصميم التهيئة الذي تم إعداده على لجنة محلية يحدد تأليفها و تسييرها وفقا للمادة5 من هذا المرسوم لإبداء رأيها فيه" و تضم هذه اللجنة إلى جانب الوالي أو عامل العمالة :
أعضاء اللجنة التقنية المحلية التابعة للعمالة أو الإقليم المعني بالأمر.
رؤساء مجالس الجماعات المعنية و إن اقتضى الحال رئيس أو رؤساء المجموعات الحضرية المعنية.
رؤساء الغرف المهنية.
و تقوم هذه اللجنة بدراسة مشروع التصميم التهيئة و تسهر على تنسيق مواقف ممثلي المصالح الخارجية على مستوى الإدارة الإقليمية و الإدارة الجماعية. و العنصر الجديد هو مشاركة الغرف المهنية في اجتماعات اللجنة المحلية مما يعطي بعدا اقتصاديا لتصميم التهيئة.
و بعد اختتام أعمالها تتولى اللجنة داخل أجل خمسة عشر يوما من انتهاء أشغالها أمر إعداد بيان هذه الأشغال و دعمه بمحضر حول ذلك, تبعث به إلى الوزارة الوصية على قطاع التعمير أو إلى مدير الوكالة الحضرية بحسب الحالة , حيث يعود لإحدى هاتين السلطتين أمر اتخاذ قرار بشأن ذلك.
و بعد إعداد و صياغة مشروع التصميم على ضوء اقتراحات أو ملاحظات اللجنة المحلية تقوم الإدارة المكلفة بالتعمير أو إدارة الوكالة الحضرية بصياغة المشروع ما قبل النهائي لعرضه على أنظار المجلس أو المجالس الجماعية المعنية لدراسته أو إلى مجلس المجموعة الحضرية إن اقتضى الأمر ذلك . و لعل الهدف من استشارة هذه المجالس هو إضفاء طابعا ديمقراطيا على وثيقة أدتها المصالح المركزية للدولة , فهذه الاستشارة هي محددة الأجل حيث تنص المادة رابعة و العشرون من قانون التعمير 12.90 في فقرتيها الثانية و الثالثة على أنه يتعين على المجالس التي سقناها " إن تبدي داخل أجل شهرين من تاريخ الإحالة مشروع التصميم إليها ما يعني لها في شأنه من اقتراحات تتولى الإدارة دراستها بمشاركة الجماعات المحلية التي يعنيها الأمر . و إذا لم تبد المجالس الأنفة الذكر أي ٍرأي داخل الآجال المنصوص عليها أعلاه فان سكوتها يحمل على أن ليس لها أي اقتراح في موضوع التصميم المحال إليها".
إن أول إشكالية تطرح أمام الإدارة خلال فترة الإعداد لتصميم التهيئة هو ذلك الفراغ الذي يحصل خلال الفترة الفاصلة بين الشروع في الدراسات و البحث العمومي و بين المصادقة على مشروع التصميم. و هي فترة يمكن يستغله المضاربون للتملص من مقتضيات التصميم الجديد التي تلوح في الأفق. و لتفادي ذلك أجاز المشرع بمقتضى المادة واحد و عشرون من قانون التعمير لرئيس المجلس الجماعي , بمبادرة من المجلس أو بطلب من الإدارة,إصدار قرار يقضي بدراسة مشروع تصميم التهيئة و تعيين حدود الرقعة الأرضية التي سيشملها التصميم . و يسري نطاق تصميم التهيئة وفق ظهير 1992 على الجماعات الحضرية , و المراكز المحددة و المناطق المحيطة بها , و المجموعات العمرانية , ثم بعض المناطق التي تكتسي طابعا خاصا و يستوجب توسعها العمراني تخطيط تهيئتها و خضوعها لمراقبة الإدارة. و تعتبر هذه العملية من التدابير الاحتياطية التي تسمح للإدارة بالإمساك عن تسليم رخص التعمير , و تأجيل البث في مشاريع التجزئة العمرانية و البناء , تفاديا للمضاربات العقارية و الأعمال التي يمكن أن تأتي منافية لمقتضيات التصميم الجديد و تعرقل تنفيذه مستقبلا, و تسري أحكام هذا القرار لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لمدة ستة أشهر أخرى. إلا أن المشرع المغربي سمح لرئيس المجلس الجماعي بإمكانية الترخيص لبعض المشاريع بصفة استثنائية إذا كانت لا تعرقل مقتضيات تصميم التهيئة الجديد و كانت تتلاءم مع أحكام مخطط توجيه التهيئة العمرانية. ويشترط في ذلك موافقة الإدارة الإقليمية المشرفة على التعمير أو الوكالة الحضرية .
إلى جانب هذه الاستشارة نص القانون الجديد على استشارة جديدة تخص عموم المواطنين من خلال إجراء البحث العلني عن منافع و مضار مشروع التهيئة الذي ينظم لفائدة السكان و خاصة منهم الذين يمتلكون عقارات داخل المنطقة التي يغطي ترابها التصميم هذا البحث يستمر شهرا كاملا و يجري خلال المدة التي يكون فيها مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات المعنية بصدد دراسته , و على رئيس الجماعة أن يوفر وسائل النشر و الإشهار اللازمة قبل بدء البحث .
و يلاحظ إن المدة المخصصة للمجلس أو المجالس المعنية هي شهر واحد بدل شهرين مادام إن الشهر الآخر مخصص للبحث العلني و هذه المدة غير كافية لاستشارة المجالس الجماعية فكان من الأفضل أن يخصص للبحث العلني شهرا كاملا و للاستشارة الجماعية شهرين و تخصيص وقت كافي لدراسة ملاحظات العموم إن كانت هناك ملاحظات و اقتراحات.
و حتى يكون جميع السكان على اطلاع بالبحث العلني صونا لحقوقهم فعلى الرئيس مجلس الجماعة قبل التاريخ البحث العلني أن يقوم بنشر إعلان يبين تواريخ و انتهاء هذا البحث و يشير إلى إيداع مشروع تصميم التهيئة بمقر الجماعة , هذا الإعلان يجب أن ينشر في جريدتين يوميتين مسموح لهما بتلقي الإعلانات القانونية و ذلك مرتين تفصل بينهما ثمانية أيام يكون كذلك محل ملصقات بمقر الجماعة.
و يمكن للعموم خلال البحث العلني أن يطلعوا على مشروع تصميم و أن يقوموا بإبداء ملاحظاتهم بالدفتر المفتوح لذلك بمقر الجماعة أو أن يبعثوا بها بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل إلى رئيس المجلس الجماعي المختص.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة خمسة و عشرون من قانون التعمير الجديد على أن يتولى مجلس الجماعة عند دراسته لمشروع تصميم التهيئة دراسة الملاحظات المعبرة عنها خلال إجراء البحث قبل عرضها على الإدارة.
إلا أن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو ما هي القيمة القانونية للبحث العلني؟ هل فعلا يتم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات و مقترحات المواطنين حول وثائق التعمير أم أن هذا البحث يبقي مجرد إجراء شكلي فقط.
إن مسطرة البحث العمومي يجب أن تتجاوز واقعيا التفسير الضيق الذي يحصرها على أملاك الأراضي لكي تهم جميع فعاليات المجتمع المدني كوسيلة لتوسيع دائرة المشاركة في اتخادالقرارات التي تهم تنظيم المجال.
و بعد انتهاء اجل الشهرين المخصصين لدراسة تصميم التهيئة من قبل المجالس الجماعية تبعث هده الأخيرة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير اقتراحاتها مرفقة بملف البحث العلني, فيتم الاتصال مع الوكالة الحضارية إن اقتضى الأمر ذلك و دراسة كل المقترحات لاتخاذ القرار الملائم .
المطلب الثاني: المصادقة على مشروع تصميم التهيئة
بعد استنفاذ كل مراحل البحث والإعداد التي يمر منها مشروع تصميم التهيئة و التي يكون الهدف منها طبعا هو دمقرطة عملية إعداد وثائق التعمير بصفة عامة، لأن ذلك يتطلب إخبار عموم المواطنين بمحتوى هذه الوثاق والاستماع إلى آرائهم و ملاحظاتهم كطريقة للحصول على المعطيات الضرورية التي يمكن للإدارة أن تستأنس بها في إعدادها لمحتوى هذه الوثائق .
إذن بعد ذلك يصل مشروع تصميم التهيئة إلى مرحلته الأخيرة، وهي مرحلة المصادقة التي عرفت تعديلا هاما بموجب قانون 12.90 مقارنة مع نظام ظهير سنة 1952.
فبالرجوع إلى المادة 26 من المرسوم التطبيقي للقانون رقم 12.90، يستخلص أن عملية المصادقة هاته تتم عبر رفع مشروع تصميم التهيئة إلى رئيس الحكومة من أجل المصادقة عليه ، وذلك بموجب مرسوم يتخذ من طرف الوزير الوصي عن قطاع التعمير. ليتم بعد ذلك نشره بالجريدة الرسمية، و بهذه الطريقة يكون المشرع المغربي بتبنيه لنظام ظهير 17 يونيو 1992 وتعديله لمحتويات ظهيري 1913 و 1952 ، يكون قد عمل على ترشيد هذه المحتويات وتجاوز الثغرات التي طبعت النظم السابقة وذلك في أفق مواكبة التطورات التي عرفها مجال التعمير الوطني.
ومن بين مظاهر التعديل هذا خصوصا في مرحلة المصادقة على مشروع تصميم التهيئة ، مسألة الحد من عدد الهيئات العمومية المتدخلة في مسطرة المصادقة على مشروع تصميم التهيئة و حصرها في رئيس الحكومة الذي تم منحه هذه السلطة إضافة إلى وزير التعمير الذي خوله المشرع حق اقتراح أمر هذه المصادقة ، و بالتالي عدم اشتراط الحصول على موافقة أي سلطة حكومية أخرى، لأن تدخل هاتين السلطتين يعد كافيا لدخول تصميم التهيئة حيز التنفيذ و اكتسابه القوة الملزمة التي يفرض بها محتوياته في مواجهة مخاطبيه، وذلك طبعا بعد نشره بالجريدة الرسمية. لكن السؤال الذي يمكن أن يتبادر إلى الذهن بهذا الصدد هو حول ما إذا أصبح تصميم التهيئة متجاوزا بسبب التزايد العمراني و الحاجة الملحة للسكن، فهل يمكن للمجالس المحلية المنوط إليها تنفيذ التصميم تغير محتوياته لمواجهة تلك المشاكل و التصدي للمضاربات العقارية؟
هذا الإشكال تجيب عنه المادة 26 من قانون التعمير إذ يمكن تغيير تصميم التهيئة العمرانية وفق الإجراءات و الشروط المقررة فيما يتعلق بوضعه و الموافقة عليه. وبالتالي أمكن القول أنه لتعديل تصميم التهيئة يجب سلوك مسطرة أخرى تسمى مسطرة تغيير تصميم التهيئة وهي التي بموجبها يتم إعداد تصميم جديد يشمل كل أو بعض المنطقة التي يغطيها التصميم المصادق عليه .
وفي أي حال من الأحوال فإن تجاوز تصميم التهيئة لمرحلة المصادقة، يدخل بعد ذلك مباشرة حيز التنفيذ وتسري مقتضياته وآثاره على المخاطبين به.
فما هي إذن أهم الآثار المترتبة عن تصميم التهيئة العمرانية؟ وما هو الغرض منه أصلا؟ .. هذا ما سيتم الوقوف عليه ضمن المبحث الثاني.
المبحث الثاني: الغرض من تصميم التهيئة و الآثار المترتبة عنه
عموما يتم وضع تصميم التهيئة إما لتنظيم عمران وتعمير مدينة قائمة، أو حتى من أجل ضبط نمو و اتساع عمران مدينة ، كما يمن إعداده بمناسبة تشييد مدينة جديدة ، وبالتالي يحق التساؤل عن محتوى هذا التصميم و الغرض منه وكذا عن الآثار المترتبة بعد دخوله حيز التنفيذ.
المطلب الأول:محتوى تصميم التهيئة والغرض من إقرار العمل به
قبل الخوض في الحديث عن هذا المحتوى لا بد أولا من الإشارة إلى نطاق تطبيق تصميم التهيئة، ولعل منطوق المادة 18 من قانون 12.90 قد حددته ، إذ يشمل المجالات الآتية:
الجماعات الحضرية و المراكز المحددة.
المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية و المراكز المحددة.
جميع أو بعض أراضي جماعة قروية.
المجموعات العمرانية.
أما عن محتوى تصميم التهيئة فهو يتألف حسب المادة 20 من قانون التعمير من نوعين من الوثائق.
فالوثيقة الأولى هي عبارة عن رسوم بيانية أو خرائط تبين الشكل الذي من خلاله يتم رصد وتحديد آفاق تهيئة المنطقة كما يتوقعها التصميم ، أما الوثيقة الثانية فتأخذ شكل نظام يتكون من مجموعة قواعد قانونية غرضها شرح مضمون الوثيقة الأولى (أي الرسوم البيانية) وتحديد ضوابط استعمال الأراضي والارتفاقات والالتزامات المفروضة لتحقيق تهيئة منتظمة ومتناسقة، إضافة إلى قواعد البناء المتعلقة بالمنطقة المعنية .
أما بخصوص الأغراض و الغايات المتطلبة من وراء تصميم التهيئة ، يمكن تستشف من خلال المواد 17،18 و 19 من قانون التعمير ، إذ يتعلق الأمر ببيان مختلف الأغراض التي ستخصص لها المناطق الموجودة في الرقعة الترابية المعنية بتطبيق التصميم و حصر تخصصاتها عن طريق تحديد غرضها الأساسي أو تحديد الأنشطة المجالية التي سيسمح بمزاولتها داخلها.
وبموجب أحكام تصميم التهيئة يتم تحديد مختلف المناطق بحسب الغرض الذي ستستعمل له أو طبيعة الأنشطة التي يمكن أن تمارس فيها سواء كانت هذه المنطقة سكنية أو منطقة صناعية أو تجارية أو سياحية أو منطقة لزرع الخضروات أو ذات طبيعة غابوية.
فبالنسبة للمنطقة السكنية يتم توزيعها إلى أحياء سكنية تجمع كل حي فيها خصائص و ميزات مشتركة ، في حين المنطقة الصناعية هي تلك المخصصة لممارسة أنشطة صناعية أو التي تتمركز فيها مؤسسات صناعية، على أن هذه المؤسسات الصناعية بدورها يمكن أن تصنف إلى 3 مستويات يحددها رئيس الحكومة بناء على اقتراح من المزير الوصي على قطاع الأشغال العمومية ، وذلك طبقا لأحكام ظهير 25 غشت 1914.
هذه المستويات أو الفئات تتراوح بين مؤسسات صناعية ينطوي نشاطها على خطورة كبيرة أو على احتمال إلحاق الضرر بالصحة العمومية ، وبخصوص المنطقة التجارية ، فقد جرت العادة على دمجها مع المناطق السكنية عن طريق تخصيص الطوابق السفلى لممارسة النشاط التجاري ، كل هذا مع ترك حيز للمنطقة الغابوية لإقامة الأغراس الضرورية لضمان التوازن الإيكولوجي للمدينة .
بالإضافة إلى ذلك يتضمن تصميم التهيئة :
بيانا لمختلف المناطق التي يمنع فيها البناء بجميع أنواعه.
حدود الطرق و المسالك و المساحات و مرافق السيارات الواجب الحفاظ عليها.
حدود ميادين الألعاب و الساحات المخصصة للتظاهرات الثقافية و الفلكلورية الواجب الحفاظ عليها.
حدود المساحات المخصصة للأنشطة الرياضية الواجب إحداثها و كذا حدود المساحات المخصصة لنفس الغرض و الواجب الحفاظ عليها.
المواقع المخصصة للتجهيزات العمة كالسكك الحديدية و التجهيزات الصحية و التعليمية و المباني الإدارية و المساجد و المقابر....
ويشير تصميم التهيئة أيضا إلى المواقع الأثرية و الموقع الطبيعية الواجب حمايتها، علاوة الضوابط المطبقة على البناء و ضوابط استعمال الأراضي
مع الإشارة إلى الارتفاقات المحدثة لمصلحة النظافة أو لأغراض جمالية أو أمنية أو للحفاظ على الصحة العامة، وكذلك الارتفاقات التي تفرضها قوانين خاصة إن وجدت.
تجدر الإشارة في نهاية هذا المطلب إلى كون هذه الضوابط أو المحتويات التي تم الحديث عنها تعد ملزمة لجميع الأطراف المعنية بتصميم التهيئة ، أي أن الإدارة من جهة والمتدخلين في المجال العقاري من جهة أخرى ، يتعين عليهم احترام بنود هذه العقدة في مختلف تدخلاتهم وفي سائر أشغالهم داخل هذه المنطقة، و هو ما يمكن تبريره بكون تصميم التهيئة هذا لا تتم المصادقة عليه إلا بعد عرضه كمشروع على أنظار العموم من أجل إبداء آرائهم و ملاحظاتهم في هذا المجال.
المطلب الثاني:آثار تطبيق تصميم التهيئة
بعد المصادقة على تصميم التهيئة ونشره في الجريدة الرسمية يكتسب قوته الإلزامية في مواجهة كل المخاطبين به و يجبرهم على التقيد بأحكامه ، إلا أن المشرع قد اتخذ مع ذلك بعض التدابير الاحتياطية تجعل مقتضيات مشروع تصميم التهيئة ملزمة قبل صدور نص المصادقة عليه وهذا ما سنقف عليه في أول نقطة، آثار تصميم التهيئة قبل الموافقة عليه (الفقرة الأولى) تم آثار تصميم التهيئة بعد الموافقة عليه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: آثار تصميم التهيئة قبل الموافقة عليه
مبدئيا تصميم التهيئة لا يجرى العمل بأحكامه إلا بعد استنفاذ مسطرة إعداده و المصادقة عليه ونشره ، وإنه في انتظار ذلك فإن القواعد التي يكون جاريا بها العمل في ذلك الوقت هي الواجبة التطبيق ، أي تصميم التهيئة أو تصميم التنطيق الجاري العمل بأحكامها لحظة إعداد تصميم التهيئة الجديدة ، إلا أنه و نظرا لكون هذه الوثائق قد تتضمن أحكاما تكون في تعارض مع توقعات مشروع التصميم الجديد وحتى لا يتم الإخلال بتوقعاته و أهدافه المستقبلية من أجل تنمية التجمع العمراني ، فإن ظهير 17 يونيو1992 يتوقع إمكانية التطبيق القبلي لأحكامه حيث توقعت المادة 27 من الظهير المذكور عدة إجراءات احتياطية ملزمة ينبغي التقيد بها في تنظيم وتنمية المدينة في انتظار دخول تصميم التهيئة الجديد حيز التنفيذ
وعليه وبمجرد اختتام مرحلة البحث العلني- أي بمجرد انقضاء المدة التي يستغرقها عرض مشروع تصميم التهيئة على عموم المواطنين لإبداء ملاحظاتهم حوله – وإلى غاية صدور النص الذي يقضي بالمصادقة على هذا المشروع فإنه يمنع طبقا لمقتضيات المادة المذكورة أعلاه منح الإذن بإنجاز كل الأعمال المتعلقة بالبناء و الغرس وإقامة التجزئات أو المجموعات السكنية إذا ما تضمنت هذه الأعمال ما يخالف أحكام مشروع تصميم التهيئة الجديد مما يفيد أنه ابتدءا من تلك اللحظة تصير مقتضيات هذا التصميم ملزمة ينبغي التقيد بها في إنجاز كل الأشغال السالف ذكرها
وكنتيجة حتمية لكل ذلك وحتى تكتسب محتويات هذا التصميم الأولوية في التطبيق على محتويات وثائق التعمير الجاري بها العمل قبل دخوله حيز النفاذ فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 27 أعلاه على بطلان أحكام تصميم التهيئة الجديد حيز العمل ابتداء من لحظة اختتام مرحلة البحث العلني
إلا أنه ومن أجل التعجيل بصدور نص المصادقة على مشروع تصميم التهيئة الجديد الذي أصبحت أحكامه ملزمة حتى قبل المصادقة عليه ونشره ، ولكي لا يطول ترقب هذا النص فإن المشرع قضى بانتهاء إلزامية العمل بأحكامه بعد مرور اثني عشر شهرا من انقضاء مدة البحث العلني المتعلق به مالم يصدر نص المصادقة النهائية عليه.
الفقرة الثانية:آثار تصميم التهيئة بعد الموافقة عليه
بعد صدور النص القاضي بالمصادقة على تصميم التهيئة ، بمثابة إعلان على أن المنفعة العامة تقتضي القيام بكل ما يلزم من أجل إنجاز التجهيزات الضرورية لتطبيقه (حدود الطرق – حدود المساحات الخضراء – حدود المساحات المخصصة للنشاطات الرياضية الواجب الحفاظ عليها – المواقع المخصصة للتجهيزات العامة – المواقع المخصصة للتجهيزات العامة – دوائر القطاعات الواجب إعادة هيكلتها أو تجديدها )
وتنتهي الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة عند انقضاء أجل 10 سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة ،ولا يجوز القيام بإعلان المنفعة العامة للغرض نفسه إنما يتعلق بالمناطق المخصصة للتجهيزات الأنفة الذكر قبل انصرام أجل 10 سنوات .
وإجمالا، فإن أحكام تصميم التهيئة تلزم من جهة كل الهيئات العمومية المعنية بتطبيقه والتي يتعين عليها إنجاز ما يناط بها من تجهيزات يستلزمها تطبيق هذا التصميم كل منها في نطاق اختصاصها وداخل دائرة نفوذها ، كما أن أحكام تصميم التهيئة تلزم من جهة ثانية الفاعلين الخواص الذين يتعين عليهم احترام قواعده والتقيد بضوابطه في كل أشغالهم ومشاريعهم المتعلقة بالتجزئات و التجهيز والأبنية وذلك عن طريق احترام مساطر الحصول على الرخص الضرورية للقيام بأوراش التعمير وعن طريق التقيد بمحتوى القواعد القانونية المنظمة لعمليات البناء والتجزيء والهندسة المعمارية
وتجدر الإشارة أن تصميم التهيئة ككل الأنظمة يمكن تغييره حسب حاجيات الجماعة ولكي يصبح أكثر ملائمة للحاضر ، لذلك فهو لا يمنح أي حق مكتسب فالإدارة يجوز لها مراجعة بعض المقتضيات المتعلقة بالتجزئات رغم حصول أصحابها على الترخيص قبل الموافقة على التصميم الجديد حيث تعمل على تحيين الالتزامات التي يتضمنها دفتر تحملات الشروط ويحق لها أن تضيف إليه كل أو بعض المقتضيات التي ينص عليها التصميم .
خـــــاتم :
من خلال ما تم عرضه, يبدو جليا أن دور المجالس الجماعية في إعداد تصميم التهيئة يبقى دورا محدودا مقارنة بالدور المهيمن للوكالات الحضرية.
إن المسعى الحثيث للقيادة السياسية بالمغرب و إقرار جهوية موسعة يقتضي إشراك المجالس الجماعية فعليا و بشكل أكبر منذ البداية في عملية إعداد تصميم التهيئة ما دامت هي المعنية بتنفيذ التصميم لاحقا و لا يمكن أن يتحقق هذا الإشراك إلا من خلال إعادة تأهيل المجالس الجماعية.
أما فيما يخص مرحلة المصادقة على مشروع التصميم فإن الإشراك الحقيقي للمجالس الجماعية يقتضي تمديد مدة البحث العمومي و توسيع قاعدة الإشراك لتشمل الجماعات المحيطة بالجماعة المعنية بالمشروع و هو ما من شأنه أن يحقق التنمية الشاملة, و لتفادي بعض سلبيات التأخير في مسطرة المصادقة على تصميم التهيئة فإنه يجب الاقتصار على جعل المصادقة على مشروع التصميم تتم على المستوى المحلي من طرف الولاة.
أما فيما يخص التنفيذ فإن المجالس الجماعية تتحمل مسؤولية تنفيذ مقتضيات تصميم التهيئة مع الحرص على تحقيق أهدافه و أغراضه و في هذه المرحلة تشاركها الإدارة المكلفة بالتعمير, إلا أن الدور المهيمن يجب أن يكون للمجالس الجماعية و هو دور طبيعي مادام أن التصميم يوضع أصلا لفائدة الجماعة.
مسألة التعمير و إعداد التراب ليست مسألة حديثة فقد تبين من مختلف الأبحاث الأثرية أن هناك وجودا لآثار تنظيم التعمير و تهيئة المجال لدى المجتمعات العتيقة و هو أمر يمكن الوقوف على حقيقته من خلال تتبع أمثلة تدل على اهتمام الحضارات القديمة و المعاصرة بقضايا التعمير و تدبير المجال.
إن التعمير الذي يحقق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية يتوقف على ثلاثة عناصر هي تخطيط حضري فعال و سياسة عقارية فاعلة لخدمته و هما معا يرتكزان على اعتمادات مالية دائمة و مجندة من طرف الدولة و الجماعات المحلية بل و أيضا الفاعلون العموميون و الخواص المهتمون بقطاع التهيئة و السكنى.
فإذا كانت الديمقراطية وسيلة لتحقيق التنمية فإن تنمية الدول النامية تتطلب أولا و قبل كل شيء السكن اللائق و توفير المرافق الضرورية للحياة و المحافظة على البيئة, كل هذا لا يمكن أن يتم إلا في إطار سياسة سليمة للتخطيط الحضري و لتهيئة التراب الوطني .
و كما عرف الأستاذ عبد الرحمان البكريوي التخطيط الحضري هو تدخل الإدارة بأدوات منهجية و وثائق مرجعية لتنظيم استعمال المجال و تقنين أو تحديد هذا الاستعمال لكل منطقة من مناطق المدينة و تخصيص وظيفة لكل واحد منها قصد تحقيق تكامل أجزائها و انسجام أطرافها و بالتالي حسن تنظيمها و تعميرها.
إن التخطيط الحضري أصبح اليوم يتم بنوعين متكاملين من وثائق التعمير الأول يعرف بالأداة التوجيهية و التقديرية, أما الثاني فيطلق عليه الوثيقة التنظيمية و يشمل ثلاث وثائق و هي تصميم التنطيق و تصميم التهيئة و تصميم التنمية.
و يعد تصميم التهيئة أول وثيقة تعميرية يعرفها قانون التعمير إذ نظمها أول نص قانوني مغربي يهم التعمير اي ظهير16 أبريل1916 و بفضلها تم أثناء فترة الحماية الأوروبية و بناء بعض المدن الجديدة و تم إنتاج أحياء متناسقة و منظمة و غنية بهندستها المعمارية و في نفس الوقت كانت السبب في افتقار بعض الأحياء إلى بعض التجهيزات الأساسية و بعض المرافق العامة كما كانت السبب في ارتفاع كثافة السكان بالمدن العتيقة. و في ظهور أحياء الصفيح و تكاثرها إلى جانب السكن العشوائي المتزايد.
و بالنظر إلى أهمية هذه الوثيقة التعميرية فقد أولاها المشرع عنايته و أدخل عليها كثيرا من الإصلاحات لمواكبة التطور الذي يعرفه التعمير و تتجاوز الثغرات التي أبانت عنها و ذلك ف ظهير30 يوليوز1952 ثم في ظهير17 يونيو1992.
هذه العناية إنما تجسد في الواقع الاهتمام المتنامي التي تحصى بها وثيقة تصميم التهيئة و دورها في تنمية المجال باعتبارها تشكل العمود الفقري للتخطيط العمراني بالمغرب لما تراكم حولها من تجارب لدى الإدارة على مدى أكثر من سنة بالإضافة إلى تدخل عدد مهم من الإدارات العمومية و المؤسسات و السلطات الإقليمية و المجالس الجماعية في عملية إعدادها و تنفيذها.
و لأجل الإحاطة بمضمون هذه الوثيقة سيكون لزاما علينا الخوض في مجموعة من الإشكالات التي يطرحها موضوع تصميم التهيئة و التي يمكن إجمالها في الأسئلة التالية :
ما هي الجهات المكلفة بإعداد و دراسة و المصادقة على مشروع تصميم التهيئة؟
هل يخضع إعداد التصميم لعمليات تنسيق و تشاور كافيين بين جميع المتدخلين أم أنه يتم في غياب هذا التنسيق و التشاور؟
ما المقصود بالبحث العمومي المجرى في ظل الإعداد لمشروع تصميم التهيئة و ما هي القيمة القانونية لهذا البحث؟
ما هو محتوى وثيقة تصميم التهيئة؟ و ما هي الآثار المترتبة عليها و الغرض منها؟
لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة ارتأينا تقسيم هذا العرض إلى مبحثين نتناول في :
المبحث الأول: مسطرة إعداد تصميم التهيئة و المصادقة عليها
المطلب الأول : إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة
المطلب الثاني : المصادقة على مشروع تصميم التهيئة
المبحث الثاني :الغرض من تصميم التهيئة و الآثار المترتبة عنه
المطلب الأول : الغرض من تصميم التهيئة
المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن تصميم التهيئة العمرانية
المبحث الأول : مسطرة اعداد تصميم التهيئة و المصادقة عليها.
يمكن القول بأن المسطرة الحالية لإعداد تصميم التهيئة, لا تختلف كثيرا عن تلك التي كان ينظمها ظهير 1952 بشأن التعمير , حيث تبرز هيمنة الإدارة المكلفة بالتعمير على عملية إعداد تصميم التهيئة و الدور المتواضع للإدارة الجماعية في مرحلة المصادقة, و للوقوف على مسطرة تصميم التهيئة, ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص المطلب الأول للإعداد دراسة تصميم التهيئة في حين نرصد في المطلب الثاني للمصادقة على تصميم التهيئة.
المطلب الأول: إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة.
بالرجوع إلى المراحل التي تمر منها مسطرة إعداد تصميم التهيئة ,و بحثه و بمقارنتها مع المسطرة التي كان جاريا بها العمل في إطار ظهير1952 يتبين بأن المشرع قد تطلع في ظهير 1992, لبلوغ هدفين أساسيين : التعجيل بمسطرة إعداد التصميم و بدخوله حيز التنفيذ من جهة و دعم التشاور و التنسيق ما بين مختلف الإدارات المركزية و المحلية ,من أجل ملائمة و تكييف محتوى هده الوثيقة مع الواقع المحلي .
و للحديث عن إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة, يتوجب علينا تقسيم هدا المطلب إلى فقرتين, نخصص الفقرة الأولى لإعداد مشروع تصميم التهيئة, في حين نرصد الفقرة الثانية لدراسة مشروع تصميم التهيئة.
الفقرة الأولى: إعداد مشروع تصميم التهيئة.
على غرار الوثائق التعميرية التي سبقت دراستها سابقا, تلعب السلطات العمومية المركزية دورا رئيسيا في إعداد تصميم التهيئة, وذلك رغم تنصيص المشرع على ضرورة "مساهمة" الجماعات المحلية في ذلك. فالمادة الثالثة و العشرون من قانون التعمير تنص صراحة على "وضع مشروع تصميم التهيئة بمبادرة من الإدارة...".كما تنص المادة الموالية لها على أن الإدارة هي التي تتولى دراسة المقترحات التي تتقدم بها مختلف الجهات المعنية بالمشاركة في إعداد المشروع بما فيها الجماعات المحلية, وهي التي توافق في الأخيرعلى مشروع التصميم.
إن عملية الشروع في إعداد مشروع تصميم التهيئة , تبدأ بإنجاز الدراسات الميدانية اللازمة
لمعرفة المنطقة من الناحيتين الاقتصادية و الاجتماعية , ووضعية التجهيزات التحتية و الفوقية , و ما تتوفر عليه من مرافق عامة و يتم في نفس الوقت اتخاد قرار يفتح مسطرة بداية دراسة المشروع من طرف السلطة الجماعية.
إن إعداد مشروع تصميم التهيئة هو من اختصاص الوكالة الحضرية فالمادة 19 من المرسوم التطبيقي لقانون 12.90 تنص على إن "عملية إعداد و تصميم التهيئة تتم بمسعى من الوزارة و بمساهمة الجماعات المعنية و المجموعة الحضرية في حالة وجودها مع مراعاة الصلاحيات المسندة في هذا الميدان إلى الوكالات الحضرية بموجب التشريع الجاري به العمل". وبالرجوع إلى القانون المتعلق بإحداث الوكالات الحضرية, نجده ينص في مادته الثالثة على أن" الوكالات الحضرية تتولى في نطاق اختصاصها تحضير مشاريع التعمير المقرر بنصوص تنظيمية خصوصا خرائط التنطيق و تصاميم التهيئة و النمو".
وبذلك فان الوكالات الحضرية تقوم بصياغة الشروط الخاصة بالصفقة المتعلقة بمشروع الوثيقة و تحدد المبلغ المالي المناسب للمشروع كما تتابع مختلف مراحل الإعداد بدءا بنشر طلب العروض المفتوح و تتلقى طلبات المشاركة في العروض التي تقوم بدراسة جوانبها المنهجية و التقنية و المالية و التي على إثرها تعلن عن مكتب الهندسة المعمارية الفائز بالصفقة, حيث يقوم هذا الأخير بالأبحاث و الدراسات حول النقط التالية : التطور السكاني , حركية الهجرة , تحديد الأنشطة تطور استعمال الأرض .الوضعية العقارية , توزيع الشرائح الاجتماعية حسب الدخل بيان التجهيزات الموجودة فعلا.
و عند انتهاء كل مرحلة من مراحل الدراسات السوسيوقتصادية والمجالية, يكون مكتب الدراسات ملزم بتقديم تقرير إلى الوكالة الحضرية, لتقوم هذه الأخيرة بدراسته في اطارلجنة, تضم بالإضافة إلى الوكالة الحضرية, كل من رئيس المجلس الجماعي المعني و المهندس المعماري المزاول عمله بالجماعة, و قد لا تكتفي الوكالة بما ورد في التقرير مكتب الدراسات بل إن لها أن ترسل فريقا تقنيا إلى عين المكان حتى تتمكن من الوقوف على ملائمة الدراسات مع الواقع.
و تجب الإشارة إلى أن القيام بالدراسات التمهيدية قد يتم من لدن الوكالة الحضرية إذا توفرت لها الإمكانيات و الوسائل التقنية و البشرية و المالية .
و بالموازاة مع ذلك ترسل الوكالات الحضرية رسالة مشفوعة بخريطة إلى المصالح الإدارية و الهيئات المعنية للحصول على المعلومات المتعلقة بالاحتياط العقاري الواجب تخصيصه لكل منها في إطار التصميم , كما يتعين أن يتضمن جواب هذه الهيئات كذلك برنامج الانجازات التي يجب القيام بها خلال الخمس سنوات الموالية.
الفقرة الثانية: دراسة مشروع تصميم التهيئة.
بعد تسلم الوكالة الحضرية لمخطط المشروع من مكتب الدراسات تقوم هاتها الأخيرة بدراسة المشروع بمساهمة من السلطات الإدارية المحلية لمختلف الوزارات و إن اقتضى الحال جميع الهيئات المعنية كالمكتب الوطني للكهرباء, المكتب الوطني للسكك الحديدية... و تنتهي هذه الاستشارة بوضع مخطط إجمالي , لتقوم بعد ذلك الوكالة بتوجيه المشروع إلى المجالس المحلية .لأجل دراسته من الناحيتين القانونية و التقنية و تتم الدراسة عبر اللجنة المحلية للتعمير , هكذا فقد نصت المادة 20من الرسوم التطبيقي لقانون 12.90"تقوم الوزارة المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية بغرض مشروع تصميم التهيئة الذي تم إعداده على لجنة محلية يحدد تأليفها و تسييرها وفقا للمادة5 من هذا المرسوم لإبداء رأيها فيه" و تضم هذه اللجنة إلى جانب الوالي أو عامل العمالة :
أعضاء اللجنة التقنية المحلية التابعة للعمالة أو الإقليم المعني بالأمر.
رؤساء مجالس الجماعات المعنية و إن اقتضى الحال رئيس أو رؤساء المجموعات الحضرية المعنية.
رؤساء الغرف المهنية.
و تقوم هذه اللجنة بدراسة مشروع التصميم التهيئة و تسهر على تنسيق مواقف ممثلي المصالح الخارجية على مستوى الإدارة الإقليمية و الإدارة الجماعية. و العنصر الجديد هو مشاركة الغرف المهنية في اجتماعات اللجنة المحلية مما يعطي بعدا اقتصاديا لتصميم التهيئة.
و بعد اختتام أعمالها تتولى اللجنة داخل أجل خمسة عشر يوما من انتهاء أشغالها أمر إعداد بيان هذه الأشغال و دعمه بمحضر حول ذلك, تبعث به إلى الوزارة الوصية على قطاع التعمير أو إلى مدير الوكالة الحضرية بحسب الحالة , حيث يعود لإحدى هاتين السلطتين أمر اتخاذ قرار بشأن ذلك.
و بعد إعداد و صياغة مشروع التصميم على ضوء اقتراحات أو ملاحظات اللجنة المحلية تقوم الإدارة المكلفة بالتعمير أو إدارة الوكالة الحضرية بصياغة المشروع ما قبل النهائي لعرضه على أنظار المجلس أو المجالس الجماعية المعنية لدراسته أو إلى مجلس المجموعة الحضرية إن اقتضى الأمر ذلك . و لعل الهدف من استشارة هذه المجالس هو إضفاء طابعا ديمقراطيا على وثيقة أدتها المصالح المركزية للدولة , فهذه الاستشارة هي محددة الأجل حيث تنص المادة رابعة و العشرون من قانون التعمير 12.90 في فقرتيها الثانية و الثالثة على أنه يتعين على المجالس التي سقناها " إن تبدي داخل أجل شهرين من تاريخ الإحالة مشروع التصميم إليها ما يعني لها في شأنه من اقتراحات تتولى الإدارة دراستها بمشاركة الجماعات المحلية التي يعنيها الأمر . و إذا لم تبد المجالس الأنفة الذكر أي ٍرأي داخل الآجال المنصوص عليها أعلاه فان سكوتها يحمل على أن ليس لها أي اقتراح في موضوع التصميم المحال إليها".
إن أول إشكالية تطرح أمام الإدارة خلال فترة الإعداد لتصميم التهيئة هو ذلك الفراغ الذي يحصل خلال الفترة الفاصلة بين الشروع في الدراسات و البحث العمومي و بين المصادقة على مشروع التصميم. و هي فترة يمكن يستغله المضاربون للتملص من مقتضيات التصميم الجديد التي تلوح في الأفق. و لتفادي ذلك أجاز المشرع بمقتضى المادة واحد و عشرون من قانون التعمير لرئيس المجلس الجماعي , بمبادرة من المجلس أو بطلب من الإدارة,إصدار قرار يقضي بدراسة مشروع تصميم التهيئة و تعيين حدود الرقعة الأرضية التي سيشملها التصميم . و يسري نطاق تصميم التهيئة وفق ظهير 1992 على الجماعات الحضرية , و المراكز المحددة و المناطق المحيطة بها , و المجموعات العمرانية , ثم بعض المناطق التي تكتسي طابعا خاصا و يستوجب توسعها العمراني تخطيط تهيئتها و خضوعها لمراقبة الإدارة. و تعتبر هذه العملية من التدابير الاحتياطية التي تسمح للإدارة بالإمساك عن تسليم رخص التعمير , و تأجيل البث في مشاريع التجزئة العمرانية و البناء , تفاديا للمضاربات العقارية و الأعمال التي يمكن أن تأتي منافية لمقتضيات التصميم الجديد و تعرقل تنفيذه مستقبلا, و تسري أحكام هذا القرار لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لمدة ستة أشهر أخرى. إلا أن المشرع المغربي سمح لرئيس المجلس الجماعي بإمكانية الترخيص لبعض المشاريع بصفة استثنائية إذا كانت لا تعرقل مقتضيات تصميم التهيئة الجديد و كانت تتلاءم مع أحكام مخطط توجيه التهيئة العمرانية. ويشترط في ذلك موافقة الإدارة الإقليمية المشرفة على التعمير أو الوكالة الحضرية .
إلى جانب هذه الاستشارة نص القانون الجديد على استشارة جديدة تخص عموم المواطنين من خلال إجراء البحث العلني عن منافع و مضار مشروع التهيئة الذي ينظم لفائدة السكان و خاصة منهم الذين يمتلكون عقارات داخل المنطقة التي يغطي ترابها التصميم هذا البحث يستمر شهرا كاملا و يجري خلال المدة التي يكون فيها مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات المعنية بصدد دراسته , و على رئيس الجماعة أن يوفر وسائل النشر و الإشهار اللازمة قبل بدء البحث .
و يلاحظ إن المدة المخصصة للمجلس أو المجالس المعنية هي شهر واحد بدل شهرين مادام إن الشهر الآخر مخصص للبحث العلني و هذه المدة غير كافية لاستشارة المجالس الجماعية فكان من الأفضل أن يخصص للبحث العلني شهرا كاملا و للاستشارة الجماعية شهرين و تخصيص وقت كافي لدراسة ملاحظات العموم إن كانت هناك ملاحظات و اقتراحات.
و حتى يكون جميع السكان على اطلاع بالبحث العلني صونا لحقوقهم فعلى الرئيس مجلس الجماعة قبل التاريخ البحث العلني أن يقوم بنشر إعلان يبين تواريخ و انتهاء هذا البحث و يشير إلى إيداع مشروع تصميم التهيئة بمقر الجماعة , هذا الإعلان يجب أن ينشر في جريدتين يوميتين مسموح لهما بتلقي الإعلانات القانونية و ذلك مرتين تفصل بينهما ثمانية أيام يكون كذلك محل ملصقات بمقر الجماعة.
و يمكن للعموم خلال البحث العلني أن يطلعوا على مشروع تصميم و أن يقوموا بإبداء ملاحظاتهم بالدفتر المفتوح لذلك بمقر الجماعة أو أن يبعثوا بها بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل إلى رئيس المجلس الجماعي المختص.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة خمسة و عشرون من قانون التعمير الجديد على أن يتولى مجلس الجماعة عند دراسته لمشروع تصميم التهيئة دراسة الملاحظات المعبرة عنها خلال إجراء البحث قبل عرضها على الإدارة.
إلا أن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو ما هي القيمة القانونية للبحث العلني؟ هل فعلا يتم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات و مقترحات المواطنين حول وثائق التعمير أم أن هذا البحث يبقي مجرد إجراء شكلي فقط.
إن مسطرة البحث العمومي يجب أن تتجاوز واقعيا التفسير الضيق الذي يحصرها على أملاك الأراضي لكي تهم جميع فعاليات المجتمع المدني كوسيلة لتوسيع دائرة المشاركة في اتخادالقرارات التي تهم تنظيم المجال.
و بعد انتهاء اجل الشهرين المخصصين لدراسة تصميم التهيئة من قبل المجالس الجماعية تبعث هده الأخيرة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير اقتراحاتها مرفقة بملف البحث العلني, فيتم الاتصال مع الوكالة الحضارية إن اقتضى الأمر ذلك و دراسة كل المقترحات لاتخاذ القرار الملائم .
المطلب الثاني: المصادقة على مشروع تصميم التهيئة
بعد استنفاذ كل مراحل البحث والإعداد التي يمر منها مشروع تصميم التهيئة و التي يكون الهدف منها طبعا هو دمقرطة عملية إعداد وثائق التعمير بصفة عامة، لأن ذلك يتطلب إخبار عموم المواطنين بمحتوى هذه الوثاق والاستماع إلى آرائهم و ملاحظاتهم كطريقة للحصول على المعطيات الضرورية التي يمكن للإدارة أن تستأنس بها في إعدادها لمحتوى هذه الوثائق .
إذن بعد ذلك يصل مشروع تصميم التهيئة إلى مرحلته الأخيرة، وهي مرحلة المصادقة التي عرفت تعديلا هاما بموجب قانون 12.90 مقارنة مع نظام ظهير سنة 1952.
فبالرجوع إلى المادة 26 من المرسوم التطبيقي للقانون رقم 12.90، يستخلص أن عملية المصادقة هاته تتم عبر رفع مشروع تصميم التهيئة إلى رئيس الحكومة من أجل المصادقة عليه ، وذلك بموجب مرسوم يتخذ من طرف الوزير الوصي عن قطاع التعمير. ليتم بعد ذلك نشره بالجريدة الرسمية، و بهذه الطريقة يكون المشرع المغربي بتبنيه لنظام ظهير 17 يونيو 1992 وتعديله لمحتويات ظهيري 1913 و 1952 ، يكون قد عمل على ترشيد هذه المحتويات وتجاوز الثغرات التي طبعت النظم السابقة وذلك في أفق مواكبة التطورات التي عرفها مجال التعمير الوطني.
ومن بين مظاهر التعديل هذا خصوصا في مرحلة المصادقة على مشروع تصميم التهيئة ، مسألة الحد من عدد الهيئات العمومية المتدخلة في مسطرة المصادقة على مشروع تصميم التهيئة و حصرها في رئيس الحكومة الذي تم منحه هذه السلطة إضافة إلى وزير التعمير الذي خوله المشرع حق اقتراح أمر هذه المصادقة ، و بالتالي عدم اشتراط الحصول على موافقة أي سلطة حكومية أخرى، لأن تدخل هاتين السلطتين يعد كافيا لدخول تصميم التهيئة حيز التنفيذ و اكتسابه القوة الملزمة التي يفرض بها محتوياته في مواجهة مخاطبيه، وذلك طبعا بعد نشره بالجريدة الرسمية. لكن السؤال الذي يمكن أن يتبادر إلى الذهن بهذا الصدد هو حول ما إذا أصبح تصميم التهيئة متجاوزا بسبب التزايد العمراني و الحاجة الملحة للسكن، فهل يمكن للمجالس المحلية المنوط إليها تنفيذ التصميم تغير محتوياته لمواجهة تلك المشاكل و التصدي للمضاربات العقارية؟
هذا الإشكال تجيب عنه المادة 26 من قانون التعمير إذ يمكن تغيير تصميم التهيئة العمرانية وفق الإجراءات و الشروط المقررة فيما يتعلق بوضعه و الموافقة عليه. وبالتالي أمكن القول أنه لتعديل تصميم التهيئة يجب سلوك مسطرة أخرى تسمى مسطرة تغيير تصميم التهيئة وهي التي بموجبها يتم إعداد تصميم جديد يشمل كل أو بعض المنطقة التي يغطيها التصميم المصادق عليه .
وفي أي حال من الأحوال فإن تجاوز تصميم التهيئة لمرحلة المصادقة، يدخل بعد ذلك مباشرة حيز التنفيذ وتسري مقتضياته وآثاره على المخاطبين به.
فما هي إذن أهم الآثار المترتبة عن تصميم التهيئة العمرانية؟ وما هو الغرض منه أصلا؟ .. هذا ما سيتم الوقوف عليه ضمن المبحث الثاني.
المبحث الثاني: الغرض من تصميم التهيئة و الآثار المترتبة عنه
عموما يتم وضع تصميم التهيئة إما لتنظيم عمران وتعمير مدينة قائمة، أو حتى من أجل ضبط نمو و اتساع عمران مدينة ، كما يمن إعداده بمناسبة تشييد مدينة جديدة ، وبالتالي يحق التساؤل عن محتوى هذا التصميم و الغرض منه وكذا عن الآثار المترتبة بعد دخوله حيز التنفيذ.
المطلب الأول:محتوى تصميم التهيئة والغرض من إقرار العمل به
قبل الخوض في الحديث عن هذا المحتوى لا بد أولا من الإشارة إلى نطاق تطبيق تصميم التهيئة، ولعل منطوق المادة 18 من قانون 12.90 قد حددته ، إذ يشمل المجالات الآتية:
الجماعات الحضرية و المراكز المحددة.
المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية و المراكز المحددة.
جميع أو بعض أراضي جماعة قروية.
المجموعات العمرانية.
أما عن محتوى تصميم التهيئة فهو يتألف حسب المادة 20 من قانون التعمير من نوعين من الوثائق.
فالوثيقة الأولى هي عبارة عن رسوم بيانية أو خرائط تبين الشكل الذي من خلاله يتم رصد وتحديد آفاق تهيئة المنطقة كما يتوقعها التصميم ، أما الوثيقة الثانية فتأخذ شكل نظام يتكون من مجموعة قواعد قانونية غرضها شرح مضمون الوثيقة الأولى (أي الرسوم البيانية) وتحديد ضوابط استعمال الأراضي والارتفاقات والالتزامات المفروضة لتحقيق تهيئة منتظمة ومتناسقة، إضافة إلى قواعد البناء المتعلقة بالمنطقة المعنية .
أما بخصوص الأغراض و الغايات المتطلبة من وراء تصميم التهيئة ، يمكن تستشف من خلال المواد 17،18 و 19 من قانون التعمير ، إذ يتعلق الأمر ببيان مختلف الأغراض التي ستخصص لها المناطق الموجودة في الرقعة الترابية المعنية بتطبيق التصميم و حصر تخصصاتها عن طريق تحديد غرضها الأساسي أو تحديد الأنشطة المجالية التي سيسمح بمزاولتها داخلها.
وبموجب أحكام تصميم التهيئة يتم تحديد مختلف المناطق بحسب الغرض الذي ستستعمل له أو طبيعة الأنشطة التي يمكن أن تمارس فيها سواء كانت هذه المنطقة سكنية أو منطقة صناعية أو تجارية أو سياحية أو منطقة لزرع الخضروات أو ذات طبيعة غابوية.
فبالنسبة للمنطقة السكنية يتم توزيعها إلى أحياء سكنية تجمع كل حي فيها خصائص و ميزات مشتركة ، في حين المنطقة الصناعية هي تلك المخصصة لممارسة أنشطة صناعية أو التي تتمركز فيها مؤسسات صناعية، على أن هذه المؤسسات الصناعية بدورها يمكن أن تصنف إلى 3 مستويات يحددها رئيس الحكومة بناء على اقتراح من المزير الوصي على قطاع الأشغال العمومية ، وذلك طبقا لأحكام ظهير 25 غشت 1914.
هذه المستويات أو الفئات تتراوح بين مؤسسات صناعية ينطوي نشاطها على خطورة كبيرة أو على احتمال إلحاق الضرر بالصحة العمومية ، وبخصوص المنطقة التجارية ، فقد جرت العادة على دمجها مع المناطق السكنية عن طريق تخصيص الطوابق السفلى لممارسة النشاط التجاري ، كل هذا مع ترك حيز للمنطقة الغابوية لإقامة الأغراس الضرورية لضمان التوازن الإيكولوجي للمدينة .
بالإضافة إلى ذلك يتضمن تصميم التهيئة :
بيانا لمختلف المناطق التي يمنع فيها البناء بجميع أنواعه.
حدود الطرق و المسالك و المساحات و مرافق السيارات الواجب الحفاظ عليها.
حدود ميادين الألعاب و الساحات المخصصة للتظاهرات الثقافية و الفلكلورية الواجب الحفاظ عليها.
حدود المساحات المخصصة للأنشطة الرياضية الواجب إحداثها و كذا حدود المساحات المخصصة لنفس الغرض و الواجب الحفاظ عليها.
المواقع المخصصة للتجهيزات العمة كالسكك الحديدية و التجهيزات الصحية و التعليمية و المباني الإدارية و المساجد و المقابر....
ويشير تصميم التهيئة أيضا إلى المواقع الأثرية و الموقع الطبيعية الواجب حمايتها، علاوة الضوابط المطبقة على البناء و ضوابط استعمال الأراضي
مع الإشارة إلى الارتفاقات المحدثة لمصلحة النظافة أو لأغراض جمالية أو أمنية أو للحفاظ على الصحة العامة، وكذلك الارتفاقات التي تفرضها قوانين خاصة إن وجدت.
تجدر الإشارة في نهاية هذا المطلب إلى كون هذه الضوابط أو المحتويات التي تم الحديث عنها تعد ملزمة لجميع الأطراف المعنية بتصميم التهيئة ، أي أن الإدارة من جهة والمتدخلين في المجال العقاري من جهة أخرى ، يتعين عليهم احترام بنود هذه العقدة في مختلف تدخلاتهم وفي سائر أشغالهم داخل هذه المنطقة، و هو ما يمكن تبريره بكون تصميم التهيئة هذا لا تتم المصادقة عليه إلا بعد عرضه كمشروع على أنظار العموم من أجل إبداء آرائهم و ملاحظاتهم في هذا المجال.
المطلب الثاني:آثار تطبيق تصميم التهيئة
بعد المصادقة على تصميم التهيئة ونشره في الجريدة الرسمية يكتسب قوته الإلزامية في مواجهة كل المخاطبين به و يجبرهم على التقيد بأحكامه ، إلا أن المشرع قد اتخذ مع ذلك بعض التدابير الاحتياطية تجعل مقتضيات مشروع تصميم التهيئة ملزمة قبل صدور نص المصادقة عليه وهذا ما سنقف عليه في أول نقطة، آثار تصميم التهيئة قبل الموافقة عليه (الفقرة الأولى) تم آثار تصميم التهيئة بعد الموافقة عليه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: آثار تصميم التهيئة قبل الموافقة عليه
مبدئيا تصميم التهيئة لا يجرى العمل بأحكامه إلا بعد استنفاذ مسطرة إعداده و المصادقة عليه ونشره ، وإنه في انتظار ذلك فإن القواعد التي يكون جاريا بها العمل في ذلك الوقت هي الواجبة التطبيق ، أي تصميم التهيئة أو تصميم التنطيق الجاري العمل بأحكامها لحظة إعداد تصميم التهيئة الجديدة ، إلا أنه و نظرا لكون هذه الوثائق قد تتضمن أحكاما تكون في تعارض مع توقعات مشروع التصميم الجديد وحتى لا يتم الإخلال بتوقعاته و أهدافه المستقبلية من أجل تنمية التجمع العمراني ، فإن ظهير 17 يونيو1992 يتوقع إمكانية التطبيق القبلي لأحكامه حيث توقعت المادة 27 من الظهير المذكور عدة إجراءات احتياطية ملزمة ينبغي التقيد بها في تنظيم وتنمية المدينة في انتظار دخول تصميم التهيئة الجديد حيز التنفيذ
وعليه وبمجرد اختتام مرحلة البحث العلني- أي بمجرد انقضاء المدة التي يستغرقها عرض مشروع تصميم التهيئة على عموم المواطنين لإبداء ملاحظاتهم حوله – وإلى غاية صدور النص الذي يقضي بالمصادقة على هذا المشروع فإنه يمنع طبقا لمقتضيات المادة المذكورة أعلاه منح الإذن بإنجاز كل الأعمال المتعلقة بالبناء و الغرس وإقامة التجزئات أو المجموعات السكنية إذا ما تضمنت هذه الأعمال ما يخالف أحكام مشروع تصميم التهيئة الجديد مما يفيد أنه ابتدءا من تلك اللحظة تصير مقتضيات هذا التصميم ملزمة ينبغي التقيد بها في إنجاز كل الأشغال السالف ذكرها
وكنتيجة حتمية لكل ذلك وحتى تكتسب محتويات هذا التصميم الأولوية في التطبيق على محتويات وثائق التعمير الجاري بها العمل قبل دخوله حيز النفاذ فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 27 أعلاه على بطلان أحكام تصميم التهيئة الجديد حيز العمل ابتداء من لحظة اختتام مرحلة البحث العلني
إلا أنه ومن أجل التعجيل بصدور نص المصادقة على مشروع تصميم التهيئة الجديد الذي أصبحت أحكامه ملزمة حتى قبل المصادقة عليه ونشره ، ولكي لا يطول ترقب هذا النص فإن المشرع قضى بانتهاء إلزامية العمل بأحكامه بعد مرور اثني عشر شهرا من انقضاء مدة البحث العلني المتعلق به مالم يصدر نص المصادقة النهائية عليه.
الفقرة الثانية:آثار تصميم التهيئة بعد الموافقة عليه
بعد صدور النص القاضي بالمصادقة على تصميم التهيئة ، بمثابة إعلان على أن المنفعة العامة تقتضي القيام بكل ما يلزم من أجل إنجاز التجهيزات الضرورية لتطبيقه (حدود الطرق – حدود المساحات الخضراء – حدود المساحات المخصصة للنشاطات الرياضية الواجب الحفاظ عليها – المواقع المخصصة للتجهيزات العامة – المواقع المخصصة للتجهيزات العامة – دوائر القطاعات الواجب إعادة هيكلتها أو تجديدها )
وتنتهي الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة عند انقضاء أجل 10 سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة ،ولا يجوز القيام بإعلان المنفعة العامة للغرض نفسه إنما يتعلق بالمناطق المخصصة للتجهيزات الأنفة الذكر قبل انصرام أجل 10 سنوات .
وإجمالا، فإن أحكام تصميم التهيئة تلزم من جهة كل الهيئات العمومية المعنية بتطبيقه والتي يتعين عليها إنجاز ما يناط بها من تجهيزات يستلزمها تطبيق هذا التصميم كل منها في نطاق اختصاصها وداخل دائرة نفوذها ، كما أن أحكام تصميم التهيئة تلزم من جهة ثانية الفاعلين الخواص الذين يتعين عليهم احترام قواعده والتقيد بضوابطه في كل أشغالهم ومشاريعهم المتعلقة بالتجزئات و التجهيز والأبنية وذلك عن طريق احترام مساطر الحصول على الرخص الضرورية للقيام بأوراش التعمير وعن طريق التقيد بمحتوى القواعد القانونية المنظمة لعمليات البناء والتجزيء والهندسة المعمارية
وتجدر الإشارة أن تصميم التهيئة ككل الأنظمة يمكن تغييره حسب حاجيات الجماعة ولكي يصبح أكثر ملائمة للحاضر ، لذلك فهو لا يمنح أي حق مكتسب فالإدارة يجوز لها مراجعة بعض المقتضيات المتعلقة بالتجزئات رغم حصول أصحابها على الترخيص قبل الموافقة على التصميم الجديد حيث تعمل على تحيين الالتزامات التي يتضمنها دفتر تحملات الشروط ويحق لها أن تضيف إليه كل أو بعض المقتضيات التي ينص عليها التصميم .
خـــــاتم :
من خلال ما تم عرضه, يبدو جليا أن دور المجالس الجماعية في إعداد تصميم التهيئة يبقى دورا محدودا مقارنة بالدور المهيمن للوكالات الحضرية.
إن المسعى الحثيث للقيادة السياسية بالمغرب و إقرار جهوية موسعة يقتضي إشراك المجالس الجماعية فعليا و بشكل أكبر منذ البداية في عملية إعداد تصميم التهيئة ما دامت هي المعنية بتنفيذ التصميم لاحقا و لا يمكن أن يتحقق هذا الإشراك إلا من خلال إعادة تأهيل المجالس الجماعية.
أما فيما يخص مرحلة المصادقة على مشروع التصميم فإن الإشراك الحقيقي للمجالس الجماعية يقتضي تمديد مدة البحث العمومي و توسيع قاعدة الإشراك لتشمل الجماعات المحيطة بالجماعة المعنية بالمشروع و هو ما من شأنه أن يحقق التنمية الشاملة, و لتفادي بعض سلبيات التأخير في مسطرة المصادقة على تصميم التهيئة فإنه يجب الاقتصار على جعل المصادقة على مشروع التصميم تتم على المستوى المحلي من طرف الولاة.
أما فيما يخص التنفيذ فإن المجالس الجماعية تتحمل مسؤولية تنفيذ مقتضيات تصميم التهيئة مع الحرص على تحقيق أهدافه و أغراضه و في هذه المرحلة تشاركها الإدارة المكلفة بالتعمير, إلا أن الدور المهيمن يجب أن يكون للمجالس الجماعية و هو دور طبيعي مادام أن التصميم يوضع أصلا لفائدة الجماعة.
Inscription à :
Articles (Atom)